الرباط تحتفي بالكتاب والشارقة ضيف شرف.. دورة ثلاثينية تُوّثق للعلاقات المغربية الإماراتية وتحتفي بـ”مغاربة العالم”
أكد السيد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، في كلمته خلال الندوة الصحافية التي احتضنها رواق باب الرواح التاريخي بالرباط، إن معرض الكتاب بالرباط يُعد من بين أبرز المعارض الدولية ذات الإقبال الواسع، مشيراً إلى استضافة إمارة الشارقة كضيف شرف هذه الدورة التي تحمل الرقم ثلاثين، إلى جانب الاحتفاء بمغاربة العالم كجزء أصيل من الهوية المغربية.
وأوضح الوزير أن من المرتقب أن يكون المغرب في سنة 2026 عاصمة العالم للكتاب والقراءة، وهي مناسبة يراها فرصة ثمينة تستوجب تنظيم مناظرة وطنية حول القراءة وإشكالاتها بمشاركة مختلف الفاعلين في الحقل الثقافي، من أجل بلورة رؤية عملية تعزز مكانة القراءة، وتفتح آفاقاً جديدة لإيصال الكتاب المغربي إلى عموم المواطنين، مشدداً على أن وزارته تتوفر على تصور واضح لتحقيق ذلك من خلال نقد إيجابي يُفضي إلى حلول واقعية وملموسة.
الدورة الثلاثون من المعرض الدولي للنشر والكتاب، المزمع تنظيمها في الفترة ما بين 18 و28 أبريل الجاري بالعاصمة الرباط، تحلّ فيها إمارة الشارقة الإماراتية ضيف شرف، في امتداد لعمق العلاقات الثقافية بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة بعد أن حلّ المغرب ضيف شرف على معرض الشارقة الدولي للكتاب سنة 2024.
وقد أكدت لطيفة مفتقر، مندوبة المعرض، أن هذه الدورة تتميز بمشاركة 51 دولة، مما يعزز طابعها الدولي، كما تأتي في سياق تنفيذ التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تقوية الروابط بين مغاربة العالم ووطنهم الأم، وتثمين إسهاماتهم في بلدان الإقامة. ومن بين المحطات المبرمجة في هذه الدورة، تكريم عدد من رموز الثقافة المغربية من أمثال ليلى أبوزيد، عمر أمرير، محمد برادة، محمد بنطلحة، وسمية نعمان جسوس، إلى جانب احتضان فعاليات ثقافية بارزة من بينها جائزة رمز الثقافة العربية لمنظمة الألكسو، الجائزة الوطنية للقراءة، جائزة القدس، وجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة.
كما ستُخصّص فضاءات فنية ومتحفية لتكريم أدباء مغاربة كبار، أبرزهم إدريس الشرايبي الذي يُعد من أعمدة الأدب المغربي، وذلك من خلال معرض استعادي يتناول إرثه الأدبي، بعد تكريم إدمون عمران المليح في الدورة السابقة.
وستُبرمج أيضاً أكثر من 600 فقرة وورشة ضمن فضاء الطفل، في أجواء تفاعلية تضم عوالم محببة للصغار مثل “السنافر”، مع اتخاذ تدابير تيسيرية مثل الدخول المجاني لذوي الاحتياجات الخاصة، وتخفيضات على تذاكر القطار بنسبة 50% للزوار، إلى جانب تخفيضات موجهة لحاملي جواز الشباب.
ومن جهته، عبر أحمد العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، عن امتنانه لاختيار المغرب للرباط عاصمة للكتاب، والشارقة ضيف شرف، مبرزاً عمق العلاقة الثقافية بين البلدين، ومؤكداً أن وفد الشارقة يشارك بـ52 فعالية ثقافية خلال أيام المعرض العشرة، بمشاركة 11 كاتباً إماراتياً، إلى جانب إصدار مشترك مع المغرب، وتنظيم أنشطة ترفيهية وثقافية موجهة للأطفال، في تمثيل حيّ للتواصل الثقافي المستمر بين الجانبين.
وفي سياق الاحتفاء بمغاربة العالم، اعتبر إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، أن هذه المبادرة تُعد تجسيداً عملياً لما تضمنه خطابان ملكيان سابقان من تأكيد على أدوار الجالية في التنمية الوطنية.
وأبرز أن المجلس يشارك في المعرض عبر تنظيم 70 نشاطاً، يستضيف خلالها 170 مبدعاً مغربياً من المهجر، ينتمون إلى 15 بلداً، في مجالات متعددة تشمل الأدب، السينما، الفنون التشكيلية، والكتابة النسائية.
كما يشمل برنامج المجلس تكريمات لعدد من الشخصيات الثقافية المغربية البارزة، من بينها الكاتب المسرحي الراحل أحمد غزالي الذي عمل في تصميم المتاحف المغربية، من بينها متحف الماء بمراكش ومتحف الأركيولوجيا المرتقب بالرباط، والباحث عبد الله بونفور أحد كبار المختصين في الدراسات الأمازيغية، والصحافية لالة خيتي بنهاشم، أول من قدم برنامجاً للجالية المغربية في التلفزة البلجيكية.
وسيتم أيضاً تقديم فيلم “الحاج إدمون” للمخرجة سيمون بيتون، احتفاءً بالكاتب المغربي الراحل إدمون عمران المليح، إضافة إلى تكريم الكاتب الراحل إدريس الشرايبي وتسليط الضوء على روايته الشهيرة “التيوس” التي استغرق ترجمتها إلى العربية خمسين عاماً، في إطار البرنامج الوطني لترجمة الأعمال المغربية.
كما ينظم المجلس معرضاً للصور الفوتوغرافية بعدسات مغاربة العالم، إلى جانب برنامج سينمائي يحتفي بالهجرة المغربية، ويُبرز إسهام الجالية في إغناء الثقافة الوطنية وثقافة بلدان الإقامة.
وتأتي هذه الدورة من المعرض الدولي للنشر والكتاب في سياق ثقافي متجدد، يعكس انفتاح المغرب على تنوع مكوناته الداخلية وصلاته الخارجية، ويؤكد مرة أخرى أن الثقافة ليست فقط أداة للهوية، بل أيضاً رافعة للتنمية، ومساحة للالتقاء والتأمل في راهن الفكر والإبداع المغربي والعالمي.