بينما اختارت الولايات المتحدة مسارها الرئاسي بفوز دونالد ترامب على منافسته كامالا هاريس، يعيش سكان مدينة القنيطرة أجواء انتخابية لا تقل إثارة، إذ يترقبون بحماسة نتائج المعركة السياسية المحلية التي تدور رحاها بين محمد تالموست وأمينة حروزة على رئاسة جماعة القنيطرة. هذا المشهد المحلي يثير التساؤل حول إمكانية استنساخ التجربة “الترامبية” وإسقاطها على سياق مغربي محض، فهل سيتمكن تالموست من إعادة كتابة سيناريو بلاد العم سام بلمسة قنيطرية؟
فمن جهة، يأتي محمد تالموست، مرشح حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، بشخصية تتسم كما يصفه البعض، بالحكمة في اتخاذ القرار وتبني الخطاب المباشر”بعيدا عن لغة الخشب”. فإلى حد كبير هناك أوجه تشابه بين أسلوبه الحماسي ونهجه غير التقليدي وأسلوب ترامب، الذي اعتمد على تمرير الرسائل الواضحة والشفافية مع قاعدته الشعبية. وحسب المقربين منه، يعرف عن تالموست بقربه من الناس وقدرته على الوصول إلى قلوبهم بلغة تتناسب مع طموحاتهم وتطلعاتهم، فسياسة البرج العاجي لا تستهويه، مما يجعله مرشحاً محتملاً للعب دور “ترامب القنيطرة”. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستتمكن هذه الشعبية من تفعيل ذاتها وترجمة نفسها إلى قيادة حقيقية لرئاسة المجلس البلدي؟
في المقابل، نجد أمينة حروزة تقدم، باعتبارها مرشحة حزب التجمع الوطني للأحرار، صورة مغايرة تماماً، إذ تُعد وجهاً نسائياً بارزاً في العمل الجمعوي المحلي. لطالما عُرفت بنهجها الداعم للمرأة وسعيها لتعزيز مشاركتها في الحياة العامة، مما يمنحها قاعدة شعبية تدعم تطلعاتها نحو تمثيل المرأة في السياسة القنيطرية. تُضاف إلى ذلك تجربتها كمستشارة جماعية، التي أكسبتها معرفة بواقع القنيطرة وتحدياتها، مما يزيد من حدة المنافسة ويضفي طابعاً فريداً على هذا السباق الانتخابي.
وكما هو الحال في الانتخابات الأمريكية، يجد الناخب القنيطري “المستشارين الجماعيين” نفسه أمام خيارين متباينين؛ بين شخصية تسعى لاستنساخ تجربة مفعمة بالحيوية والجاذبية، وشخصية أخرى تركز على تعزيز دور المرأة والمجتمع في التغيير. وبذلك يتساءل المواطنون في القنيطرة عن مستقبل المدينة، وعن الاتجاه الذي ستتخذه قيادتها القادمة، وعن مدى استعدادهم لتجربة “ترامب” محلية بنكهة مغربية.
ومع حسم الأمريكيين خياراتهم الرئاسية، يظل انتظار القنيطريين قائماً، إذ تحبس المدينة أنفاسها في انتظار نتائج قد تأتي بنجاح تالموست وتجربة “ترامب” محلية، أو بتمكين حروزة وتمثيل نسائي يُحدث الفارق. الأيام القادمة ستفصح عن الإجابة، لكنها تظل محملة بتشويق وحماس قل نظيره، سكان القنيطرة ينتظرونه بفارغ الصبر.