طريق المغرب الطويل نحو التحول الاقتصادي.. تقرير مؤسسة كارنيغي يسلط الضوء على 25 عاماً من التغيير

في تقرير حديث نشرته مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، وهي إحدى أبرز المؤسسات الفكرية المتخصصة في الشؤون الدولية، تناول المقال التحول الاقتصادي الذي شهده المغرب على مدى السنوات الـ25 الماضية، مشيراً إلى الإنجازات التي تحققت والتحديات التي تواجه البلاد في مسيرتها نحو التحديث والتنمية. التقرير الذي حمل عنوان “طريق المغرب الطويل نحو التحول الاقتصادي” قدّم تحليلاً شاملاً للسياسات الاقتصادية التي تبناها المغرب، مسلطاً الضوء على النجاحات والصعوبات التي واجهتها المملكة.

بدأ التقرير بتسليط الضوء على نقطة البداية في عام 1999، وهو العام الذي تولى فيه الملك محمد السادس مقاليد الحكم، حيث كان المغرب في مراتب متدنية على مستوى مؤشرات التنمية البشرية. ومع مرور الوقت، شهدت البلاد تحسناً ملحوظاً في هذا المؤشر، إذ ارتفع متوسط العمر المتوقع من 66 عاماً إلى 75 عاماً في عام 2023، ما يعكس تحسناً في مستوى المعيشة والخدمات الصحية.

وفي السياق نفسه، تطرق التقرير إلى التقدم الذي حققه المغرب في المجال الاقتصادي، حيث تضاعف نصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام من 600 دولار في عام 1998 إلى 3400 دولار في 2023. كما شهدت نسبة الفقر المدقع انخفاضاً كبيراً، إذ تراجعت من 15.7% في عام 2001 إلى 1.7% في 2019، مما يعكس التحسن الكبير في الظروف المعيشية للمواطنين، لا سيما في المناطق الريفية التي استفادت من تحسينات كبيرة في خدمات الكهرباء والماء الشروب.

ورغم هذه الإنجازات، يشير التقرير إلى أن جائحة كوفيد-19 والموجات المتكررة من الجفاف أثرت سلباً على معدلات الفقر والبطالة، التي ارتفعت إلى 13%. بالإضافة إلى ذلك، ذكر التقرير آثار الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز في العام الماضي، والذي كشف عن بعض الاختلالات في مشاريع التنمية.

التقرير لم يغفل الإشارة إلى التحول الذي شهدته البنية التحتية في البلاد، بدءاً من ميناء طنجة المتوسط، الذي أصبح أكبر ميناء للحاويات في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مروراً بإطلاق القطار فائق السرعة “البراق”، وصولاً إلى شبكة الطرق السريعة التي يتوقع أن تصل إلى 3000 كيلومتر بحلول عام 2030. هذه المشاريع الكبيرة جذبت استثمارات أجنبية هائلة، خاصة في قطاع صناعة السيارات، مما جعل المغرب أكبر منتج ومصدر للسيارات في أفريقيا.

ولكن على الرغم من التقدم الكبير، يشير التقرير إلى أن الاقتصاد المغربي ما زال يواجه تحديات مرتبطة بالفوارق الاجتماعية وخلق فرص عمل جديدة، لا سيما للشباب والنساء. وأكد التقرير على أهمية التركيز على تطوير رأس المال البشري والابتكار كسبيل لتحقيق تحول هيكلي مستدام يمكن من خلاله تجنب “فخ الدخل المتوسط” الذي يهدد العديد من الدول النامية.

وفي ختام التقرير، أشار كاتب المقال إلى أهمية أن يحافظ المغرب على سياسته المتوازنة في علاقاته الدولية، خصوصاً مع التغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم حالياً. فالمغرب، من خلال علاقاته التاريخية مع الولايات المتحدة وأوروبا، يوازن ذلك بتعزيز شراكاته مع الصين، مما يجعله في موقع استراتيجي ليكون جسراً بين الاقتصادات الغربية والشركات الصينية.

التقرير الذي نشرته مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي يشير بوضوح إلى أن المغرب، رغم التحديات، يمتلك القدرة على التحول إلى اقتصاد متقدم، بشرط استمرار التركيز على تطوير قطاعات الابتكار والاستثمار في رأس المال البشري، وتجنب الانخراط في سباقات تسلح تستنزف موارده المالية.

هذا المقال يقدم صورة شاملة للتحول الذي شهده المغرب، ولكنه في الوقت ذاته يدق ناقوس الخطر بضرورة العمل على تقليص الفجوات الاجتماعية وتحسين فرص العمل، لضمان استدامة هذا النمو الاقتصادي.

 

المصدر: Alalam24

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...