بقلم: إدريس زويني
شهدت قضية الصحراء المغربية تحولا داخل أروقة الأمم المتحدة، حيث باتت مبادرة الحكم الذاتي، الخيار الواقعي الوحيد المعتمد دوليا لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل.
حيث أصبحت مرجعية أممية واضحة، تترجمها تقارير المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ومداولات مجلس الأمن، في وقت تآكل فيه الخطاب الانفصالي الذي تحاول الجزائر إحياءه دون طائل.
اليوم، تؤكد المواقف الصريحة للقوى الكبرى أن وهم الاستفتاء أصبح من الماضي، وأن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل العملي والنهائي الكفيل بإرساء الاستقرار والتنمية في المنطقة المغاربية.
فضيحة تندوف.. مأساة إنسانية تعرّي النظام الجزائري وميليشيات البوليساريو
في جنيف، وأمام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، دق السفير المغربي ناقوس الخطر حول الوضع الإنساني في مخيمات تندوف، واصفا إياه بفضيحة أخلاقية وإنسانية غير مسبوقة.
وطالب المغرب بفرض التسجيل الفوري والمستقل للسكان المحتجزين، كخطوة أساسية لضمان شفافية توزيع المساعدات ووضع حد للتلاعب الذي تمارسه ميليشيات البوليساريو بتواطؤ مع كابرانات الجزائر منذ أكثر من نصف قرن.
وأكد أن الاستثناء القائم في تندوف، حيث تتنازل دولة عن جزء من سيادتها لصالح جماعة مسلحة، يمثل خرقا صارخا للقانون الدولي ويقوض مبادئ الحماية الإنسانية التي يفترض أن تصونها المفوضية الأممية.
الميليشيات التي تصف نفسها بحركة تحرر ليست سوى كيان مسلح ذو طابع إرهابي، يمارس القمع والتجنيد القسري للأطفال، ويعيش على تحويل المساعدات الإنسانية إلى وقود سياسي في لعبة إقليمية فقدت مبرراتها.
لهذا دعا المغرب إلى تعزيز المراقبة الميدانية وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، في ظل غياب تام لأي رقابة مستقلة داخل المخيمات المغلقة.
تم بأروقة الأمم المتحدة نقاش جاد حول إعادة تعريف وتسمية بعثة المينورسو (MINURSO)، بما يعكس الواقع الجديد الذي فرضته المقاربة المغربية للحكم الذاتي.
فالدور التقليدي للبعثة، المرتبط بمراقبة وقف إطلاق النار والتحضير لاستفتاء لم يعد مطروحا، فقد مبرره
ومن المنتظر أن يشهد اجتماع مجلس الأمن نهاية أكتوبر الجاري تحولا جوهريا يتمثل في إعادة هيكلة مهام المينورسو لتصبح بعثة لدعم تنفيذ الحكم الذاتي والتنمية الجهوية بالصحراء المغربية.
وهو تطور يعكس إدراك المجتمع الدولي أن مرحلة النزاع انتهت، وأننا أمام مرحلة ما بعد الحل.
إعادة التسمية ليست مجرد خطوة إدارية، بل اعتراف أممي عملي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وبأن المستقبل يبنى وفق نموذج الحكم الذاتي كإطار سياسي وتنموي متكامل.
الحكم الذاتي.. رؤية الحسم ومستقبل الاستقرار
المجتمع الدولي اليوم بات مقتنعا أن وحدة المغرب الترابية خط أحمر، وأن الحكم الذاتي هو الطريق الواقعي والمستدام نحو السلام والتنمية.
هذه القناعة ما كانت لتترسخ لولا الدينامية الدبلوماسية المغربية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، ويجسدها حضور الوزير ناصر بوريطة والسفير عمر هلال في مختلف المحافل الدولية، دفاعا عن مشروعية القضية الوطنية بواقعية وحنكة.
ومع اقتراب موعد الجلسة المنتظرة في مجلس الأمن نهاية أكتوبر 2025، تتجه الأنظار نحو قرار تاريخي مرتقب سيكرس رسميا الحكم الذاتي كخيار وحيد وواقعي لإنهاء النزاع المفتعل، ويفضح محاولات النظام الجزائري استغلال الملف كورقة سياسية داخلية.
لقد انتهى زمن الوهم، وبدأ زمن الحقيقة والبناء.
فالمغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها، ضمن مشروع وطني يجمع بين الشرعية والسيادة والتنمية والكرامة.
أما من يراهن على التفرقة أو يختبئ خلف شعارات من زمن الحرب الباردة، فليس أمامه سوى الاعتراف بأن الحكم الذاتي هو خيار المستقبل… وقرار الحسم قد اقترب.