هل تنصف انتخابات 2026 النساء والجالية المغربية بالخارج؟

بقلم: ادريس زويني

عندما تبنى المغرب دستور 2011، بدا الطريق مفتوحا نحو ديمقراطية أكثر شمولا مع إقرار المناصفة بين الرجال والنساء وضمان حقوق مغاربة العالم في المشاركة السياسية.

لكن مرور أكثر من عقد كشف عن هوة كبيرة بين النص والواقع.

فتمثيلية النساء في البرلمان ما تزال في جزء كبير منها قائمة على التزكيات المرتبطة بالقرابة العائلية والزبونية ومنطق المال، بينما تقصى نساء مناضلات اكتسبن خبرة سياسية ومجتمعية.

مغاربة العالم: قوة اقتصادية بلا صوت سياسي

على الضفة الأخرى، تمثل الجالية المغربية بالخارج نحو 15% من السكان، أي حوالي ستة ملايين شخص، وتحوّل سنوياً أكثر من مليار درهم نحو الاقتصاد الوطني. هذه التحويلات الاستراتيجية جعلت منها أحد أعمدة الاستقرار المالي والاجتماعي.

ومع ذلك، ظل تمثيلها السياسي شبه منعدم.

فالفصل 17 من الدستور يضمن حق التصويت والترشح للمغاربة المقيمين بالخارج، بينما يدعو الفصل 18 إلى إدماجهم في المؤسسات الاستشارية وهيئات الحكامة. غير أن دوائر الخارج لم تحدث بعد، وبقيت المشاركة السياسية للجالية مجمدة، ما عمّق شعور متزايدا بأنها مواطنة من الدرجة الثانية سياسيا، رغم ثقلها الاقتصادي والاجتماعي.

بين خطاب الملك ومماطلة الأحزاب

النقاش حول تمثيلية الجالية ليس جديدا. ففي خطاب 6 نونبر 2005 بمناسبة الذكرى الثلاثين للمسيرة الخضراء، دعا الملك محمد السادس نصره الله بوضوح إلى إحداث دوائر تشريعية خاصة بالخارج وتمكين مغاربة العالم من الترشح والتصويت من بلدان إقامتهم. لكن بعد مرور عقدين، بقيت الوعود معلقة، وظل الملف أسير المماطلة الحزبية والحسابات الضيقة.

50 مقعداً للجالية.. ثورة هادئة؟

من بين المقترحات المطروحة بقوة مع اقتراب استحقاقات 2026، يبرز تخصيص 50 مقعدا برلمانيا للجالية المغربية بالخارج، بما يعكس وزنها الديمغرافي (15%).

خطوة من هذا النوع يمكن أن تمثل ثورة هادئة في مسار الديمقراطية المغربية، إذ تنقل الجالية من مجرد قوة اقتصادية إلى فاعل سياسي وتشريعي كامل، وتعيد الاعتبار لحقوقها الدستورية.

2026: امتحان المصداقية

الانتخابات المقبلة ليست محطة دورية فحسب، بل امتحان لمصداقية المسار الديمقراطي المغربي. فهي ستجيب عن سؤالين أساسيين:

هل ستنتقل البلاد من المناصفة الشكلية إلى تمثيلية نسائية حقيقية مبنية على الكفاءة والالتزام؟

وهل ستتحول الجالية المغربية بالخارج من مجرد أرقام اقتصادية إلى قوة سياسية ممثلة داخل البرلمان؟

نحو ديمقراطية جامعة

الواضح أن المناصفة ليست شعارا تجميليا، وحقوق مغاربة العالم ليست منة ظرفية، بل استحقاق دستوري.

ولعل المفتاح اليوم هو إقرار وزارة الداخلية لقوانين انتخابية جديدة أكثر شمولا، تسمح بتوسيع المشاركة، وإحداث دوائر خاصة بالخارج، وضمان لوائح انتخابية مبنية على الكفاءة لا على القرابة أو المال.

إذا تحلّت الدولة والأحزاب بالشجاعة السياسية، يمكن أن تكون انتخابات 2026 محطة فاصلة نحو برلمان أكثر تمثيلية، يعكس فعلا تعددية المجتمع المغربي داخل الوطن وخارجه.

أما إذا استمرت الحسابات الحزبية الضيقة، فستظل الديمقراطية المغربية ناقصة، وسيظل صوت ملايين المغاربة نساءا وجالية صوتا بلا صندوق.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...