المغرب يعزز موقعه كمركز إقليمي للابتكار في إفريقيا

في تقرير حديث نشره موقع The African Exponent بتاريخ 6 شتنبر 2025، تَصدّر المغرب مشهد الابتكار في القارة الإفريقية، بعد تسجيله ما مجموعه 579 براءة اختراع ممنوحة و2,913 طلب إيداع في الفترة الأخيرة، وهو ما يعزز مكانته كمركز إقليمي متقدم في مجال حماية الملكية الفكرية.

لا تتوقف هذه الأرقام عند كونها مؤشرات إحصائية، بل تعكس حركية بحثية وتقنية نشطة تشمل قطاعات استراتيجية مثل صناعة السيارات، الطاقات المتجددة، الصناعات الدوائية، والزراعة الذكية. ويلعب التواجد القوي للشركات متعددة الجنسيات في المغرب، خاصة في مجالات الطيران وصناعة السيارات، دورًا حاسمًا في تعزيز منظومة الابتكار، مدعومة بشراكات مع الجامعات المحلية ومراكز البحث.

ويقود المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC) هذا التحول من خلال إصلاحات مؤسساتية واسعة، شملت رقمنة مساطر حماية الاختراعات وتكييفها مع المعايير الدولية، خصوصًا تلك التي تحددها المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) واتفاقية TRIPS. وقد جعل هذا الإطار التنظيمي المغرب بيئة جاذبة للمخترعين المحليين والأجانب على حد سواء.

ومن أبرز المحاور التي تشهد زخما خاصًا، قطاع الطاقات المتجددة، لا سيما في مجالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. إذ لا تقتصر جهود المملكة على تنفيذ المشاريع الكبرى، بل تشمل أيضًا تسجيل اختراعات تقنية تُسهم في تطوير حلول خضراء مستدامة، مما يؤكد رؤية المغرب لتوطين التكنولوجيا وحمايتها ضمن منظومة قانونية متقدمة.

وتكشف المعطيات أن المغرب لم يعتمد فقط على الاستثمارات الأجنبية، بل حرص أيضًا على بناء قاعدة معرفية محلية متينة من خلال دعم البحث العلمي، وتعزيز الروابط بين الصناعة والجامعة، وهو ما أدى إلى توسّع ملحوظ في عدد طلبات البراءات في مجالات الهندسة، العلوم التطبيقية، والذكاء الاصطناعي.

ورغم الهوة الواسعة بين إفريقيا والدول الصناعية الكبرى فيما يتعلق بعدد براءات الاختراع، إلا أن النموذج المغربي يقدم دليلاً عمليًا على أن الملكية الفكرية يمكن أن تكون رافعة قوية للتنمية الاقتصادية. ففي الوقت الذي تعاني فيه دول أخرى من غياب الأطر التنظيمية أو ضعف البنية التحتية، استطاع المغرب دمج الملكية الفكرية في سياساته التنموية كعنصر محوري للتنافسية.

التجربة المغربية، كما يبرزها التقرير، تقوم على رؤية متكاملة تجمع بين تحديث الإدارة، جذب الاستثمارات النوعية، وتحفيز الإبداع المحلي، وهو ما يُحوّل الأفكار المبتكرة إلى أصول اقتصادية ملموسة تُغذي دينامية التنمية وتُعزز الحضور المغربي في الساحة التكنولوجية الدولية.

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...