شهد قطاع الأفوكادو في المغرب خلال السنوات الأخيرة تحوّلاً لافتاً جعله من بين أبرز القطاعات الزراعية الصاعدة في البلاد، بعدما استطاع أن يفرض حضوره بقوة في الأسواق العالمية. تقرير حديث نشره موقع “African Exponent” بتاريخ 7 شتنبر 2025، أظهر أن إنتاج المغرب من الأفوكادو بلغ في موسم 2024/2025 ما يزيد عن 130 ألف طن، متجاوزاً الرقم المسجل في الموسم السابق والذي لم يتعدَّ 118,666 طناً. أما من حيث العائدات، فقد قفزت صادرات المملكة إلى نحو 179 مليون دولار، محققة نمواً ملحوظاً مقارنة بـ128 مليون دولار في عام 2023.
هذا الأداء يعكس دينامية متسارعة في القطاع، تغذيها عوامل متعددة، في مقدمتها التوسع السريع في المساحات المزروعة، والتي تضاعفت ثلاث مرات خلال خمس سنوات فقط، منتقلة من 4 آلاف هكتار عام 2018 إلى 12 ألفاً بحلول موسم 2023/2024. كما أن الظروف المناخية المناسبة في مناطق زراعية مثل الغرب والشاوية لعبت دوراً محورياً في تحسين مردودية الإنتاج وجودته، مما جعل المنتوج المغربي منافساً قوياً في الأسواق الخارجية.
أوروبا تظل الوجهة الأولى للأفوكادو المغربي، حيث تستأثر بأكثر من 80% من مجمل الصادرات، خاصة دول مثل فرنسا، إسبانيا وهولندا. لكن الملاحظ في المواسم الأخيرة هو اتجاه المغرب نحو تنويع شركائه التجاريين، فقد عرفت صادراته إلى سويسرا نمواً بنسبة 150%، بينما ارتفعت إلى بلجيكا بستة أضعاف، وقفزت إلى البرتغال بأكثر من 11 مرة، مع تسجيل اختراق ملحوظ لأسواق جديدة مثل كندا، تركيا، ماليزيا، بولندا وسلطنة عمان. بفضل هذا الانتشار، أصبح المغرب ثاني أكبر مصدر للأفوكادو في القارة الأفريقية، متجاوزاً جنوب أفريقيا.
ورغم هذا المسار التصاعدي، فإن القطاع لم يكن بمنأى عن التحديات. الموسم الأخير، الذي عرف إنتاجاً وفيراً، أدى إلى تراجع ملحوظ في الأسعار العالمية بنسبة 35%، وهو ما تسبب في أزمة تسويقية دفعت ببعض المنتجين إلى ترك جزء من محاصيلهم دون جني، نتيجة ضعف العائد المالي. الأزمة أظهرت بجلاء هشاشة منظومة التسويق، وأكدت الحاجة الماسة إلى تطوير أدوات ضبط السوق وتحقيق توازن بين العرض والطلب.
من جهة أخرى، يثير التوسع في زراعة الأفوكادو تساؤلات بيئية متزايدة، بالنظر إلى ما تتطلبه هذه الزراعة من كميات كبيرة من المياه، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة جفاف وندرة متفاقمة في الموارد المائية. هذه المخاوف دفعت عدداً من المنظمات البيئية والمهنيين الزراعيين إلى الدعوة لإعادة النظر في طريقة إدارة هذا القطاع، مع التركيز على جودة الإنتاج والاستعمال الرشيد للموارد الطبيعية.
ويرى خبراء أن مستقبل هذه الفاكهة التي تحولت إلى “ثروة خضراء” للمغرب، مرهون بقدرة الفاعلين على المواءمة بين التوسع الإنتاجي من جهة، وحماية التوازنات البيئية من جهة أخرى. فنجاح المملكة في تصدير كميات تجاوزت 100 ألف طن خلال موسم واحد يفتح الباب أمام آفاق اقتصادية واعدة، لكنه يفرض أيضاً تحديات تتعلق باللوجستيك والتسويق والحوكمة الزراعية، لضمان استدامة هذا النجاح على المدى الطويل.