فاطمة الزهراء المنصوري تطلق مشروع قانون لتعزيز الجهوية المتقدمة في التعمير وإعادة ترتيب الأولويات

في خطوة وُصفت بالمفصلية في مسار إصلاح المنظومة الترابية والتنموية بالمغرب، كشفت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان، فاطمة الزهراء المنصوري، عن مشروع قانون يروم إحداث وكالات جهوية للتعمير والإسكان، في إطار تنزيل الجهوية المتقدمة، وتعزيز التنسيق بين مستويات التدبير المحلي والوطني، بما يتماشى مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تعزيز العدالة المجالية وتكافؤ الفرص.

ويُنتظر أن تُحدث هذه الوكالات على صعيد 12 جهة، مع إمكانية إحداث تمثيليات محلية على مستوى العمالات أو الأقاليم، في مسعى إلى تقريب خدمات التعمير والإسكان من المواطنين، وتجاوز إشكالات المركزية التي لطالما عرقلت فعالية السياسات الترابية.

من أبرز رهانات المشروع الجديد، بحسب ما تم الكشف عنه، تعزيز حكامة التدبير المجالي، عبر تحديد مجالات تدخل دقيقة، وتقوية القدرات التدبيرية والنجاعة المؤسساتية، وهي نقطة ظل يطالب بها العديد من الفاعلين، خاصة في ظل ضعف التنسيق بين المتدخلين وتشتت الصلاحيات.

ويسعى النص القانوني إلى مواءمة تدخلات الوكالات الجديدة مع أهداف التنمية الجهوية، وتحقيق التكامل بين التخطيط الترابي ومخططات الاستثمار والتنمية المحلية، وهو ما من شأنه تعزيز جاذبية الجهات وتحقيق التوازن المجالي المنشود.

ويعيد المشروع رسم ملامح تدخل الدولة في مجال التعمير، من خلال إعادة هيكلة مهام الوكالات لتشمل التخطيط الترابي، ومرافقة الاستثمار، وتتبع الديناميات العقارية، وتسهيل الولوج إلى السكن، ومراقبة السوق، وتقوية الهندسة العقارية والحضرية، وتأطير العرض الترابي، وضبط مصادر التمويل.

ولعل من أبرز ما جاء به مشروع القانون، إحداث شركات جهوية مساهمة لتنفيذ المشاريع الترابية، وإعادة تنظيم هيئات الحكامة داخل مجالس الإدارة، من خلال تقليص عدد أعضائها، وتوسيع مهام اللجان المتخصصة، مع توحيد الوضعية القانونية للموارد البشرية، وتعزيز مرونة التسيير.

كما يُسجل المشروع نقطة قوة في توجهه نحو تكريس الانفتاح على الفاعلين المحليين والقطاع الخاص، وجعلهم شركاء في بلورة مشاريع التعمير وتدبيرها، بما يعزز من نجاعة التدخل العمومي، ويوسع قاعدة المسؤولية الجماعية.

ويبقى الرهان الأكبر معلقًا على كيفية التنزيل الفعلي لهذا المشروع على أرض الواقع، في ظل تحديات التنسيق بين القطاعات، والحاجة إلى موارد بشرية مؤهلة، وقدرة مالية مواكبة؛ غير أن المؤشرات الأولى توحي بأن المغرب يسير بثبات نحو عصرنة هندسة التعمير والإسكان، عبر رؤية جديدة تُزاوج بين التخطيط الاستراتيجي المحلي والحكامة المؤسساتية، وتُراهن على تأهيل الجهات كقاطرة للتنمية الشاملة.

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...