اجتاحت دمية “لابوبو” المشهد الثقافي والاجتماعي في الآونة الأخيرة، ليس فقط بسبب مظهرها الغريب الذي يجمع بين الابتسامة الغامضة والأذنين الطويلتين، بل بسبب ردود الفعل الواسعة التي أثارتها لدى الأطفال والبالغين على حد سواء.
في تحول غير متوقع، خرجت دمية “لابوبو” من رفوف متاجر الألعاب لتتصدّر واجهات الموضة العالمية وتثير موجة من الهوس الجماهيري. هذه الدمية، التي تتميز بمظهر غير تقليدي يجمع بين ألوانها المختلفة والأسنان البارزة وملامح أقرب للغرابة منها للجمال، باتت رمزًا جديدًا للثقافة العصرية، بعد أن ظهرت إلى جانب أسماء لامعة في عالم النجومية مثل ريهانا ودوا ليبا.
الظاهرة لم تتوقف عند حدود الصين أو نجوم هوليود، بل امتدت إلى الشوارع العربية، حيث بدأ الطلب يتزايد بشكل غير مسبوق على “لابوبو”، بل ووصل الأمر إلى شجارات في بعض المتاجر بين معجبين ساعين لاقتنائها.
وراء هذه الظاهرة يقف الفنان كاسينغ لونغ، الذي صمّم “لابوبو” بشراكة مع عملاق الألعاب الصيني Pop Mart، ليطلقا معًا منتجًا هجينًا يجمع بين الفن، اللعب، والموضة.
واللافت، أن هذا الهوس لا يقتصر على الأطفال؛ بل اجتذب جمهورًا واسعًا من الشباب وحتى البالغين، في دلالة على تغيّر ذائقة الجيل المعاصر تجاه الجمال والغريب.
وإن الاهتمام الكبير الذي حظيت به “لابوبو” يطرح تساؤلات تتجاوز البعد التجاري، لتصل إلى التحليل النفسي والاجتماعي للسلوك الاستهلاكي .
في هذا الإطار، يشير مختصون في علم النفس إلى أن الظاهرة ترتبط بما يسمى بـ”جاذبية القبح” أو “اللا مألوف الجذاب”، حيث يميل الأطفال – خصوصاً في مراحل مبكرة من النمو الإدراكي – إلى التفاعل مع ما يبدو شاذاً أو غير مألوف، كوسيلة لتنشيط الخيال، وكأن الغرابة بحد ذاتها تمثل نوعاً من الجاذبية النفسية.
وتدعم هذه الفرضية حالة الهوس التي رافقت “لابوبو”، والتي تُرجمت مادياً في بيع إحدى نسخها بحجم إنسان مقابل 1.08 مليون يوان صيني (حوالي 150 ألف دولار)، وهو رقم يكشف كيف يمكن للغموض البصري أن يتحول إلى قيمة سوقية استثنائية. هذا السعر غير المسبوق جاء رغم أن أسعار دمى “لابوبو” الأصلية التي تطرحها شركة Pop Mart تبدأ من أقل من 7 دولارات فقط، ما يعكس تحوّل الدمية من منتج بسيط إلى رمز ثقافي واجتماعي.
في المحصلة، فإن ظاهرة “لابوبو” تفتح نقاشاً أوسع حول التأثيرات النفسية التي يمكن للأشياء غير النمطية أن تتركها في وعي الطفل، وتدعو في الوقت ذاته إلى إعادة التفكير في معايير الجمال والتفاعل لدى الجيل الجديد، الذي يبدو أكثر استعداداً لكسر القوالب الجمالية التقليدية والاحتفاء بما هو مختلف.