أذان فتاة داخل مسجد تاريخي يثير جدلًا واسعًا في مصر

أثار مقطع فيديو متداول لفتاة تؤذن بصوت مرتفع داخل مسجد قلعة صلاح الدين في القاهرة موجة واسعة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس فقط بسبب غرابة المشهد وندرته، بل لما أثاره من تساؤلات فقهية وثقافية حول دور المرأة في الشعائر الدينية، وحدود مشاركتها العلنية في الفضاءات الدينية العامة. وبينما نظر البعض إلى الموقف بوصفه فعلاً فرديًا لا يخرج عن إطار الحرية الشخصية أو الفضول السياحي والديني، اعتبره آخرون تجاوزًا للضوابط الشرعية المتعلقة بأداء العبادات، لا سيما في أماكن عامة ومختلطة.

رد الفعل السريع من دار الإفتاء المصرية جاء حاسمًا، إذ أكدت أن الأذان عبادة مرتبطة بالرجال شرعًا، مستشهدة بنصوص نبوية صريحة، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس على النساء أذان ولا إقامة”، كما شددت على أن الأصل في عبادة النساء هو الستر، لا الجهر، خاصة إذا كان في بيئة قد تثير فيها مثل هذه الأفعال التباسًا في المعاني والمقاصد. ومع ذلك، لم تُغلق دار الإفتاء الباب تمامًا، حيث أوضحت أن أذان المرأة في محيط نسائي خالص، كمصلى أو مكان مغلق لا يتواجد فيه رجال أجانب، جائز شرعًا وفقًا لآراء فقهية معتبرة.

لكن الجدل الذي أثارته هذه الواقعة لم يكن دينيًا فقط، بل اجتماعيًا وثقافيًا أيضًا، إذ فتح الباب أمام أسئلة أوسع حول علاقة المرأة بالمساحات الدينية العامة، وحدود ما يمكن أن تمارسه من شعائر داخلها. كما أعاد إلى الواجهة النقاشات القديمة حول صوت المرأة، وهل يعد مجرد الجهر به في الشعائر أمرًا يتطلب ضوابط صارمة، أم أنه يخضع لمعايير السياق والنية والبيئة؟ دار الإفتاء أوضحت أن صوت المرأة ليس عورة في ذاته، لكنه لا ينبغي أن يُستخدم في الطقوس الدينية العامة بشكل يخالف روح الشريعة وتعاليمها.

الفيديو، الذي التُقط على ما يبدو بعفوية من قبل سائحين وزائرين، حوّل لحظة فردية إلى حالة نقاش مجتمعي واسعة، بين من رأى في التصرف شجاعة أو لفتة رمزية، وبين من اعتبره خروجًا غير مبرر عن الأعراف الدينية، خصوصًا في موقع أثري إسلامي له طابعه الخاص. وبين هذا وذاك، تبقى القضية تذكيرًا بأن التعبير الديني، خصوصًا حين يتقاطع مع رمزية المكان والزمان، لا ينفصل عن الإطار الشرعي والاجتماعي الذي يحتضنه.

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...