منجز هيئة الإنصاف و المصالحة تحت المجهر

احتضن رواق المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، يوم السبت 26 أبريل 2025، تقديم العدد المزدوج من مجلة “دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية”، والمكرس أساسًا لتخليد الذكرى العشرين لهيئة الإنصاف والمصالحة، وكذا تقرير الخمسينية.

وقد ساهم في هذا العدد كل من: محمد الحبيب بلكوش، خديجة مروازي، أحمد بوز، عبد الرزاق الحنوشي، حسن طارق، كمال لحبيب، عبد الرحمن رشيق، حاتم قطران، فابيان سالفيولي، أميمة عاشور، ونادية البرنوصي.

 

استهل العدد بكلمة لهيئة التحرير جاء فيها:

إن مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، وهو يحتفي بالذكرى العشرين لتأسيسه، اختار أن يساهم عبر هذا العمل الجماعي في الوقوف على خلاصات وتحديات هذين العقدين في مجالات كانت من دواعي نشأته، وأوراش رافقها تفكيرًا وتقييمًا وإنتاجًا.

ولا شك أن أوراش العدالة الانتقالية، وحكامة التنمية البشرية، وقضايا المرأة، تكتسي أهمية بالغة في مجال حقوق الإنسان والبناء الديمقراطي، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي. وقد أولت التجربة المغربية لهذه الأبعاد مكانة متميزة في مسار تطورها، وفي توفير شروط النهوض المتواصل بها، لذلك اخترناها محاور لهذا العدد.

إن محطة الإنصاف والمصالحة، وتقرير الخمسينية المنجزين منذ عشرين سنة، لخير دليل على مكانة هذه القضايا لدى الدولة، في تفاعل مع مختلف الديناميات المجتمعية والفاعلين المدنيين والسياسيين والاجتماعيين.

وهنا تطرح عدة تساؤلات: ما الأجوبة التي قدمتها هذه التجربة؟ وما هي حصيلتها؟ وما الذي تحقق خلال هذا المسار؟ وهل استنفدت هذه الدينامية أدوارها وآليات المتابعة؟ وكيف تابعت الجهات المعنية والفاعلون السياسيون والحقوقيون والاجتماعيون هذا المسار طيلة العقدين الماضيين؟

لا شك أن المسافة الزمنية المتاحة اليوم تسمح بقراءة متأنية وموضوعية لهذه التجربة، على ضوء النتائج المحققة والمعطيات المتوفرة، ومع استحضار ما آلت إليه أوضاع العديد من دول المنطقة ومناطق أخرى، ومعرفة تحولات العالم، والاختيارات المتجددة للمغرب في مجالات السياسة والحقوق والتنمية. هذه كلها عوامل دفعتنا إلى المساهمة في تقييم هذه التجربة ونقاشها بروح نقدية بناءة، تثمن المكتسبات، وترصد مكامن الخلل، وتستشرف التحديات، نصرةً للاختيار الديمقراطي وتحصينًا لمساره.

إن أوراش العدالة الانتقالية، والحكامة الأمنية، والتنمية البشرية، والنهوض بأوضاع النساء التي خاضها المغرب خلال العشرين سنة الماضية، لا تزال تحظى باهتمام بالغ لدى العديد من دول المنطقة شرقًا وجنوبًا، وعلى المستوى الدولي، باعتبارها تجربة متميزة وذات مخرجات ملهمة لرسم آفاق الأمل، والخروج من الأزمات والمآزق التي تواجه العديد من التجارب. كما تشكل هذه المساهمة مدخلًا لقراءة التجربة المغربية بهدف تطوير الأداء، وأخذ المخاطر المحيطة بعين الاعتبار، واستشراف الآفاق الواعدة في ارتباط بانتظارات المواطنين وطموحات الوطن.

ولأن جل شباب المغرب الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين سنة لا يعرفون الكثير عن هذا المسار في بناء المغرب الحالي، فقد كان من المهم المساهمة في إنعاش الذاكرة وتملك خلاصات هذا العمل الكبير.

لذلك خُصص هذا العدد لمقالات ودراسات لخبراء مغاربة وأجانب تناولت ثلاثة محاور رئيسية:

1. العدالة الانتقالية من خلال تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، وما أنتجته وما رسخته في المنظومة السياسية والحقوقية والتشريعية، سواء وطنيًا أو ضمن التجارب الدولية؛

2. التنمية المستدامة وتحديات الدولة الاجتماعية وأسئلة التحولات الجارية والاختيارات المنتظرة؛

3. قضايا المرأة من خلال استحضار مسارها، وراهنية التغييرات الحاصلة والمأمولة، بين ورشي الإصلاح التشريعي والمؤسساتي والسياسات العمومية منذ سنة 2004 إلى اليوم.

إنها مساهمة تسعى لاستحضار بعض معالم ذاكرة التحول ومسارها، واستشراف الأفق المأمول لمواصلة النهضة الوطنية، بعيدًا عن مركب النقص أو الجحود، وبكثير من الأمل والإيمان بقدرتنا على بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

إن تساؤلات الجميع وانتظاراتهم حاضرة، وطموحنا المشترك لمواصلة كسب رهانات البناء والتقدم، هو الوقود الذي يدفعنا كمركز وكأسرة تحرير المجلة إلى مواصلة هذا المسار الصعب رغم الإكراهات ومعيقات الواقع وطنياً وإقليميًا ودوليًا، بما في ذلك محدودية الإمكانيات.

وعليه، نأمل أن يساهم هذا العدد الخاص من المجلة في تقديم أرضية للنقاش حول قراءة التجربة المغربية، من خلال مساهمات متنوعة، بحاجة إلى الانخراط في ديناميات أوسع مع المفكرين والمثقفين والفاعلين المدنيين وغيرهم، من أجل الدفع بالتفكير والفعل لإضاءة شعلة جديدة في مسار البناء.

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...