في مدينة القنيطرة، كشفت فرقة محاربة الجريمة الإلكترونية التابعة لولاية أمن القنيطرة القناع عن قضية أثارت دهشة الجميع مسلطة الضوء على جانب مظلم من استغلال التكنولوجيا؛ موظف بالقطاع الصحي يشغل منصب مساعد طبيب لا يتجاوز راتبه الحد الأدنى للأجور، حوّل نفسه إلى ما يشبه “مايسترو الاحتيال”، مستغلاً ذكاءً خارقاً وموهبة فريدة في تقليد الأصوات، هذا المحتال ابتكر حسابًا وهميًا على “فيسبوك” بهوية فتاة حسناء تعيش في دبي، مستخدماً إياها كطعم افتراضي للإيقاع بشخصيات بارزة في المجتمع، من برلمانيين إلى موظفين كبار ورؤساء جماعات.
الحسناء الوهمية لم تكن مجرد صورة على الشاشة؛ بل استخدمت كوسيلة لإيقاع الضحايا في مكالمات فيديو حميمة، تُسجل دون علمهم لتتحول لاحقاً إلى أدوات ابتزاز تستعمل لانتزاع الأموال أو الحصول على خدمات إدارية خاصة، ليتمكن هذا الشخص من بناء حياة مترفة تُثير التساؤلات عن مصدرها، وتبدأ بعد ذلك التحقيقات في كشف أسرار أكثر سوداوية.
ومع تقدم التحقيقات، اتضح أن الابتزاز الرقمي لم يكن سوى واجهة لأعمال أخرى أشد قبحاً ومكرا، فالمتهم الذي كان يستغل ضحاياه نفسياً وعاطفياً، تبين أنه يمارس الشعوذة أيضاً، مقدماً وعوداً بحل مشاكلهم بطرق خارقة للطبيعة، حيث الأدوات التي وُجدت معه كشفت عن نشاطات تتخطى حدود القانون والأخلاق.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد؛ بل تم ضبط كمية من حبوب الإجهاض غير القانونية بحوزته، كان يستخدمها في عمليات إجهاض سرية لبعض الضحايا، هذه الاكتشافات صنفت القضية في إطار جديد، حيث لم تعد تتعلق فقط بالابتزاز الرقمي، بل أيضاً بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقوانين الصحية.
فرقة محاربة الجريمة الإلكترونية التي تابعت القضية عبر منصة “إبلاغ”، نفذت خطة دقيقة للإيقاع بالمشتبه فيه، وحين تم القبض عليه داخل المستشفى الذي يعمل فيه، توالت المفاجآت، فهاتفه المحمول كشف عن كنز من الأدلة، بما في ذلك مقاطع فيديو وصور حميمة، وأدوات شعوذة، وحبوب الإجهاض، كما أن التحقيقات لا زالت مستمرة لتحديد جميع الضحايا ومحاسبة المتورطين.
هذه القضية لا تتعلق فقط بالكشف عن جريمة احتيال؛ بل هي دعوة للتأمل في الأخطار الكامنة وراء التكنولوجيا إذا أُسيء استخدامها، فهي تذكير بأن العالم الرقمي قد يصبح سلاحاً بيد من يجيد استغلاله سلبا، خصوصا عندما يفتقر المجتمع إلى وعي رقمي يحمي أفراده من الوقوع في مثل هذه الفخاخ، ليبقى السؤال المطروح : كيف يمكننا تعزيز ثقافة الحذر والوعي في عصر أصبح فيه العالم الافتراضي امتداداً لحياتنا الواقعية؟ فشبح الحسناء قد يكون مجرد بداية للكشف عن عالم خفي من الجرائم الرقمية التي تنتظر من يكشف خيوطها.