حـــ.ادثة عين سبع بالقنيطرة تكشف المستور.. ابتزاز بـ200 درهم ينتهي باستدعاء الأمن

الطرقات المغربية لم تعد مجرد فضاء للتنقل، بل تحولت في بعض الأحيان إلى مسرح لعمليات احتيال خطيرة تمس بأمن المواطنين، ولم يعد الأمر يتعلق بحوادث سير عادية، بل بمسرحيات مفضوحة بطلها أشخاص يلقون بأنفسهم أمام السيارات وكأنهم ضحايا دهس، فيما هم في الحقيقة نصابون محترفون يبحثون عن ضحايا جدد لابتزازهم. مشهد سوريالي يثير الغضب والاشمئزاز: شخص يسقط أمام سيارة متوقفة أو بطيئة، يتلوى على الأرض متظاهراً بالألم، يصرخ، يستنجد، ويطالب بحقه المزعوم، ليُرغم السائق على دفع مقابل مالي سريع مقابل طي الملف. إنها جريمة مركبة، فيها تمثيل وابتزاز واستغلال للثغرات، هدفها النهائي ليس سوى جيوب المواطنين.

حادثة عين سبع بالقنيطرة مساء اليوم لم تكن استثناء، بل تأكيدًا على تفشي هذه الظاهرة. صديقان متوجهان نحو زهانة بسيارتهما وجدا نفسيهما في مواجهة شخص ثمل ألقى بنفسه أمام مركبتهما صارخًا بعبارات نابية، ثم تدخل رفاقه ليطالبوا بمبالغ مالية بدأت بـ200 درهم وانتهت بـ50 درهم. السائق رفض هذا الابتزاز واتصل بالنجدة “19”، لكن يبقى السؤال الصارخ: كيف يمكن إثبات الحقيقة في غياب كاميرا داخل السيارة؟ وكيف يمكن للمؤسسات أن تتصدى لجرائم تقوم على التمثيل البارع والمراوغة أمام القانون؟

ما يحدث أخطر مما قد يبدو، لأنه يشوه صورة الضحايا الحقيقيين لحوادث السير، ويكلف شركات التأمين والمجتمع تكاليف باهظة، والأخطر من ذلك أن الاستسلام لهذه الممارسات الرخيصة يشجعها على الانتشار، ويجعل من الطرق مرتعًا للمحتالين بدل أن تكون فضاءً للأمان. إن مواجهة هذه الظاهرة لا تحتمل التأجيل، حيث تظل الحاجة قائمة لاعتماد قدر أكبر من الصرامة مع تفعيل عقوبات رادعة، وتشجيع السائقين على اعتماد الكاميرات داخل سياراتهم كوسيلة إثبات لا غنى عنها.

اليوم، لم يعد السؤال فقط كيف نكشف هذه الممارسات، بل كيف نتحكم فيها قبل أن تنتشر على نطاق أوسع؟ فمن حقّ المواطن الذي يقود سيارته أن يشعر بالأمان دون مخاوف من الافتراء أو الاستغلال. إنها مسؤولية جماعية: فالحاجة ماسة لتعزيز آليات الردع، والمجتمع مدعو للتبليغ، والإعلام مسؤول عن فضح هذه السلوكيات. فهل نقبل باستمرار هذه الظواهر في طرقاتنا، أم نتعاون جميعًا للحد منها؟

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...