كشفت منظمة الصحة العالمية، يوم الثلاثاء 2 شتنبر 2025، عن معطيات مقلقة تفيد بأن أكثر من مليار شخص حول العالم يعانون من اضطرابات نفسية، في ظل استمرار التحديات المرتبطة بضعف خدمات الرعاية النفسية، خاصة في الدول ذات الدخل المنخفض.
وفي تقريرين حديثين صدرا بعنوان “الصحة النفسية في عالم اليوم” و”أطلس الصحة النفسية 2024″، حذرت المنظمة من أن اضطرابات مثل الاكتئاب والقلق باتت تمثل ثاني أهم أسباب الإعاقة طويلة الأمد على مستوى العالم، وتؤثر بشكل كبير على جودة الحياة والإنتاجية، فضلاً عن تسببها في خسائر اقتصادية باهظة.
وأشار التقريران إلى وجود تفاوت صارخ بين البلدان من حيث الوصول إلى خدمات العلاج، إذ يحصل أقل من 10% من المصابين في الدول الفقيرة على الدعم المطلوب، مقارنةً بأكثر من 50% في البلدان الغنية. كما تعاني أنظمة الصحة النفسية من نقص في التمويل، وغياب سياسات مستدامة تضمن تقديم رعاية شاملة.
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، شدد على أن تحسين خدمات الصحة النفسية يمثل تحدياً عاجلاً يجب على العالم التصدي له. وقال: “الاستثمار في الصحة النفسية ليس خياراً، بل ضرورة حيوية لتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي. لا يمكن لأي دولة أن تغض الطرف عن هذا الملف”.
وسلط التقرير الضوء على ظاهرة الانتحار باعتبارها من أخطر نتائج الإهمال النفسي، حيث أودت بحياة أكثر من 727 ألف شخص في سنة 2021 وحدها، لتصبح من الأسباب الرئيسية للوفاة بين الشباب في جميع أنحاء العالم. ومع أن الجهود مستمرة على المستوى الدولي، إلا أن التراجع في معدلات الانتحار ما يزال بطيئًا، ولا يواكب الهدف الأممي الرامي إلى خفض هذه الحالات بنسبة الثلث بحلول 2030، إذ لا تتجاوز نسبة التراجع المتوقعة 12% خلال خمس سنوات.
وعلى الصعيد الاقتصادي، نبّهت المنظمة إلى أن التأثيرات غير المباشرة للاضطرابات النفسية، خصوصاً من حيث انخفاض الإنتاجية، تفوق بكثير التكاليف المباشرة للرعاية الصحية. ووفق التقديرات، فإن القلق والاكتئاب يتسببان وحدهما في خسائر سنوية تفوق تريليون دولار أمريكي على المستوى العالمي.
من المرتقب أن تُعتمد خلاصات التقريرين كمرجع أساسي في النقاشات والتحضيرات الجارية لاجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى حول الأمراض غير السارية وتعزيز الصحة النفسية، المزمع تنظيمه في نيويورك يوم 25 شتنبر الجاري.