سرطان العلاقات.. التراكمات التي تقتل الحب بصمت

مع بداية عام 2025، ووسط تفاؤل بعام مليء بالخير والسعادة، يبرز نقاش جوهري حول مفهوم “سرطان العلاقات”، هذا المصطلح الذي أطلقه الدكتور خليل زيود لوصف التراكمات التي تتراكم بصمت لتقضي على العلاقات الإنسانية، خصوصًا الزوجية، يكشف لنا عن أبعاد عميقة ومؤثرة في حياتنا اليومية.

الأمر يبدأ من جذور عميقة تمتد إلى الطفولة. الخلافات العائلية، فقدان أحد الوالدين، وحتى الحروب أو الأزمات الاقتصادية، كل هذه التجارب تترسخ في العقل دون وعي لتصبح قنابل موقوتة، وحين يدخل الشخص في علاقة زوجية، تبدأ هذه التراكمات بالظهور عند أول اختبار حقيقي مثل قدوم طفل جديد أو مواجهة تحديات الحياة اليومية.

في اللحظة التي تُغلق فيها أبواب بيت الزوجية، يبدأ الشريكان في اكتشاف حقيقة بعضهما البعض، المشاكل التي بدت صغيرة خلال فترة الخطوبة تتحول إلى أزمات يصعب تجاوزها، ومع ذلك، نجد أن النصائح التقليدية مثل “تحمّلي”، أو “كل شيء يُحل بالصبر”، غالبًا ما تزيد الأمور سوءًا، فالصبر على الخطأ، دون معالجة حقيقية، يؤدي إلى تعميق المشكلة وليس حلها.

وفي فترة الحمل، التي تعد من أكثر الأوقات حساسية بالنسبة للمرأة، يظهر تحدٍ جديد في العلاقات الزوجية. كثير من الرجال يعتبرون مسؤولياتهم مقتصرة على الجوانب المادية، متجاهلين الدور العاطفي والمشاركة في المسؤوليات اليومية، وفي هذه الحالة، تصبح المرأة أكثر عرضة للشعور بالتجاهل والإحباط، مما يضيف إلى قائمة التراكمات التي قد تنفجر لاحقًا.

التكيف مع المشكلات، رغم أنه يبدو حلاً سهلاً، ليس دائمًا الخيار الصحيح، العلاقة الصحية تحتاج إلى جهد مشترك، حيث يعمل الطرفان على بناء “مودة ورحمة”، استمرار أحد الشريكين في التكيف دون الآخر يؤدي إلى فجوة يصعب تجاوزها لاحقًا، العلاقة الزوجية ليست مجرد محاولة “لإبقاء المركب عائمًا”، بل هي بناء مستمر يحتاج إلى تفاعل متوازن ودعم متبادل.

أما عن التربية فهي تلعب دورًا محوريًا في بناء شخصية الإنسان وكيفية تعامله مع العلاقات، عندما يكبر الطفل في بيئة تفتقر إلى الحب أو مليئة بالخلافات، ينشأ وهو يحمل ندوبًا نفسية تؤثر على قدرته على بناء علاقات صحية، لذلك، يحتاج الأهل إلى أن يكونوا مصدراً للدعم والثقة، مما يمنح الأبناء أدوات تمكنهم من مواجهة تحديات المستقبل.

العلاج يبدأ من الإحساس بالمشكلة والاعتراف بها، ثم البحث عن حلول عملية تناسب كل حالة، كما يشدد الدكتور زيود على أهمية طلب المساعدة من مختصين بدلاً من الاعتماد على نصائح الأصدقاء أو العائلة، التي قد تكون غير ملائمة.

عام 2025 يحمل معه فرصًا جديدة لتغيير حياتنا للأفضل، بشرط أن نكون مستعدين للتعامل مع تحدياتنا بوعي وحكمة، العلاقات القوية لا تُبنى فقط على الحب، بل على القدرة على تجاوز الخلافات، وصنع السلام مع أنفسنا ومع الآخرين.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...