في أجواء احتفالية تميزت بالبهاء الثقافي والإشعاع الفني، ترأست الأميرة للا حسناء، مساء الجمعة بساحة باب الماكينة بمدينة فاس، حفل افتتاح الدورة الثامنة والعشرين من مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، الذي تنظمه مؤسسة “روح فاس” تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، ويحمل هذه السنة شعار “انبعاثات”.
وتزامن هذا الحدث مع حضور رفيع المستوى ضم مسؤولين ترابيين ومنتخبين وشخصيات وازنة من مجالات متعددة، إذ شكل اللقاء مناسبة لإبراز مكانة المملكة كمنصة رائدة للاحتفاء بالتنوع الثقافي وتلاقح الحضارات.
وقد تابعت الأميرة للا حسناء حفل الافتتاح من المنصة الرسمية، حيث قُدمت فقرات فنية مستلهمة من جماليات الطبيعة وتعدد تعبيرات الشعوب، مع تركيز خاص على الروح الإفريقية الغنية بألوانها وتقاليدها، التي أضفت على السينوغرافيا والكوريغرافيا طابعا باروكيًا وساخرًا في بعض اللحظات.
وتجلى من خلال هذا العرض البصري والموسيقي الفريد، المفهوم العميق لـ”الانبعاث” كقيمة تحفّز على التجديد الإنساني والفني، مما يرسّخ مكانة المغرب كحاضنة للثقافات ورائدة في الاحتفاء بالتراث الروحي العالمي.
ومن جهة أخرى، تعاقب على المنصة فنانون من خلفيات متنوعة قدّموا عروضًا تعكس ثراء برمجة المهرجان لهذا العام. فقد تألقت نساء مايوت من جزر القمر بطقس “ديبا” الصوفي، كما أبدعت مجموعة “أريج” من سلطنة عمان، وميهانزيو من الكوت ديفوار، إلى جانب حضور لافت لطبول بوروندي و”قصائد” مريدي السنغال، فضلا عن رقصة “السماع” من مكناس، وأداء غنائي مميز للميزو سوبرانو باتيستا أكوافيفا.
وفي لحظة ذات طابع رمزي، أشرفت الأميرة للا حسناء على تسليم “جائزة المواهب الشابة – روح فاس”، التي تُنظم بشراكة مع مؤسسة “روح فاس”، لفائدة خريجي المعهد الموسيقي بمدينة فاس. وقد تم تتويج كل من إيمان برادة، وهبة أزكار، وزكرياء المبكر، وسعد غنامي، تقديرًا لتفوقهم في البيان، والقانون، والكمان، والعود.
وفي ختام الحفل، التُقطت صورة تذكارية جمعت سمو الأميرة بالفنانين المشاركين، في مشهد يجسد روح المهرجان الذي يشكل جسرا بين الأجيال.
ويأتي هذا المهرجان ليكرّس ارتباطه العميق بالقارة الإفريقية التي تحتل موقعا محوريا في هذه الدورة، حيث تبرز كقارة شابة متمسكة بجذورها، حريصة على نقل تراثها الموسيقي والروحي إلى الأجيال القادمة، مما يساهم في تشكيل ملامح نهضتها الثقافية المنشودة.