رحيل جيمس هاريسون.. الرجل الذي أنقذ أرواح 2.4 مليون طفل

توفي جيمس هاريسون، المعروف بلقب “الرجل ذو الذراع الذهبية”، عن عمر يناهز 88 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا إنسانيًا لا يُقدر بثمن. على مدار أكثر من ستة عقود، أسهم بتبرعاته الثمينة من بلازما دمه في إنقاذ حياة أكثر من 2.4 مليون طفل. كان دم هاريسون يحتوي على جسم مضاد نادر يُسمى Anti-D، وهو مكون حيوي في علاج مرض الريسوس (RhD) الذي كان يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة الأجنة في بطون أمهاتهم.

بدأ هاريسون مسيرته في التبرع بالدم عام 1954 بعد أن أنقذته عملية نقل دم، وقرر بعدها أن يخصص حياته لهذه المهمة النبيلة.

على مدار السنوات، تبرع أكثر من 1,100 مرة، وواصل تبرعاته حتى بلغ 81 عامًا في 2018. كان الدم الذي يقدمه يحتوي على الأجسام المضادة اللازمة لصناعة الأدوية التي تحمي النساء الحوامل من مرض الريسوس، الذي كان يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل فشل القلب أو تلف الدماغ، وفي بعض الحالات، وفاة الجنين. قبل اكتشاف علاج Anti-D في الستينيات، كان هذا المرض يسبب وفاة حوالي نصف الأطفال المصابين به.

وتميز هاريسون بكونه واحدًا من أقل من 200 شخص في أستراليا قادرين على إنتاج هذا النوع النادر من الأجسام المضادة، مما جعله حجر الزاوية في تطوير العلاج لهذا المرض. وبفضل تبرعاته، تم إنقاذ حياة ملايين الأطفال، وحققت أبحاثه الطبية تقدمًا ملحوظًا في علاج مرض الريسوس. ومن ثم، حصل هاريسون على العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك وسام أستراليا في عام 1999 تقديرًا لإسهاماته البارزة.

في 17 فبراير 2024، توفي هاريسون أثناء نومه في دار رعاية في نيو ساوث ويلز، مخلّفًا وراءه أسرة تشعر بالفخر بما قدمه من تضحيات. قالت ابنته تريسي ميلوشيب في رثائه: “لقد ترك خلفه عائلة ربما لم تكن لتوجد لولا تبرعاته الثمينة”، مؤكدةً أن والدها كان دائمًا فخورًا بإنقاذ الأرواح دون انتظار أي مقابل.

كما أشاد ستيفن كورنليسين، الرئيس التنفيذي لشركة Lifeblood، بمساهمة هاريسون الاستثنائية، مؤكدًا أنه كان رمزًا حقيقيًا للعطاء والتضحية. وأكد أن تبرعاته كانت أساسية في تطوير علاج مرض الريسوس، واصفًا إياه بأنه “رجل عظيم” ساهم في إنقاذ أرواح لا تُحصى. اليوم، يتطلع الباحثون إلى استخدام عينات من دم هاريسون في تطوير علاج جديد يُلقب بـ “جيمس في جرة”، وهو علاج مبتكر يهدف إلى مساعدة النساء الحوامل حول العالم.

بهذا، سيظل جيمس هاريسون خالداً في الذاكرة كرمز للتضحية والإيثار، ولقد أسهم بمساهمات غير مسبوقة في مجال الطب، محدثًا فارقًا حقيقيًا في حياة ملايين البشر.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...