شهادة في حق القاص والناقد والبيبليوغرافي ذ. محمد إدارغة تحت عنوان “إشراقة الفكر وسيماء الإبداع”

بقلم: عبد الله دكدوك

إلى القاص والناقد والبيبليوغرافي المغربي، ابن الدخيسة البار، مربي الأجيال الأستاذ محمد إدارغة، بمناسبة تكريمه حيث اجتمع أهل التخصص للاحتفاء به وبإسهاماته الرائدة في مجالات اشتغاله واهتماماته.

بداية، أقول: محمد إدارغة هو سيماء الإبداع، زاوية النور في نقدنا المغربي العربي الحديث، إنه البصمة التي تتشكل من تداخل الكلمات والأفكار، ومن أسلوبه الذي لا يشبه أحدًا سواه، سواء في الكتابة أو التحليل أو النقد، أو من خلال مساهمته في كل لقاء فكري يجريه هنا أو هناك.

محمد إدارغة سيماء لا تخطئها العين، فهو ليس مجرد كاتب، بل روح تتنفس من بين السطور، تحمل معها شحنة من التأمل والعمق في كتاباته التي تدعو القارئ دائمًا إلى الغوص في عوالمه الجديدة، إن وسيماء الإبداع في حالة محمد إدارغة لا تقتصر على مجرد السرد أو التحليل، بل تتجاوز ذلك لتصبح رسالة حية تنبض بالفكر المستنير، حيث إن كل حرف يخطه ليس إلا انعكاسًا لفكر ثري ووعي عميق يبحث عن التفسير والنقد والتأصيل.

ويبقى الرجل تجسيدًا للإبداع في كل لقاء علمي، في كل كتاب، وفي كل فكرة يطلقها، معلنًا عن حضور الفكر بأبهى صوره، حيث يتناغم الأسلوب مع المضمون ويكتمل التأثير في كل زاوية من الزمان والمكان، لكل هذا، أقول إن محمد إدارغة هو قدرة على تحويل المعرفة إلى فعل، والفكر إلى أثر، والإبداع إلى مدرسة تفتح الأبواب أمام أجيال من الباحثين والمبدعين ليواصلوا الرحلة التي بدأها هذا المعطاء، ليظل اسمه محفورًا في ذاكرة الثقافة والمعرفة.

وإن سيرتكم العطرة وخصالكم النبيلة كرجل مخلص ومؤمن بقيم العلم والثقافة تجعل منكم شخصية نموذجية تضيء لنا الدرب، فلا يمكن للدارس أو القارئ أن يقتصر في الحديث عنكم على تخصص واحد، بل نجد فيكم تنوعًا غنيًا ومشارب متعددة تمنح الباحثين والنقاد فسحة كبيرة لتوسيع آفاقهم الفكرية وتأصيل أفكارهم، وذلك بفضل تبحركم العميق في النقد والسرد والبيبليوغرافيا.

إنه لشرف كبير لي أن أكون من متابعي مسيرتكم المبدعة والرائدة، فما زرعتموه في نفوسنا من تفانٍ في العمل وصدق في التعبير لا يمكن أن يُنسى. لقد كنت وما زلت مثالًا حيًا للإبداع، في نقدك الذي يتسم بالرصانة، وسردك الذي ينساب كالنهر، وبحثك الذي يكتنز بالمعرفة ويغذي العقول.

إن تجربتك على مر السنوات كانت ولا تزال مصدرًا للإلهام لنا جميعًا، فقد خصصتُ لجهادك الفكري مكانًا داخل إصدار “الدليل الأنطولوجي” على صفحتي “علم” من الرقمي إلى الورقي، واستضفتك مرارًا على صعيدي الواقعي ووسائط التواصل الاجتماعي.

كما كان لي الشرف أن أنشر ملفات كاملة حول تجربتك وحضورك الوازن من خلال كتاباتي عنك على صفحات جرائد، الأمة، الشعب، المنعطف، والمناضلة، الورقية، وكنتَ محط إعجاب الجميع في برنامج **حديث الثلاثاء**، كما أظهرت برامجنا المختلفة في لقاءاتك معنا كيف أن النقد الحقيقي هو الذي يستند إلى أسس علمية وفكرية راسخة.

لقد كنت أثناء جائحة كورونا مثالًا للثبات الفكري، حيث تم استضافتك عن بعد كأحد أعمدة الفكر الإبداعي في سلسلة من اللقاءات التي نظمتها على صفحتي “علم”.

وقد استحققت التكريم عن جدارة من خلال صالون دكدوك الأدبي، ونحن نرى اليوم أن اسمك يُستدعى في العديد من المناسبات، سواء كمسير، ضيف، أو مكرَّم.

ولا يفوتني هنا أن أحيي الجهة التي تعمل جاهدَة على تكريمك، فهي بهذا الفعل الأخلاقي النبيل أظهرت معدنها الحقيقي ووفاءها للعلم والإبداع.

كما أستذكر دائمًا مقولتك الشهيرة “اللِّي هضر يرعف”، وهي جملة قصيرة تحمل في طياتها عمقًا فلسفيًا، تعبر عن دعوة إلى مقارعة الفكر بالفكر، والمعرفة بالفهم، إلى حد الاستفزاز الفكري الإيجابي.

إن محمد إدارغة ليس فقط ناقدًا متمكنًا من أدواته النقدية واللغوية، بل هو قاص بصفات العظماء، وبيبليوغرافي متمرس يسعى لتوثيق ما قد يضيع من المعرفة مع مرور الزمن، وأشهد أن لقاءاتي بك كانت دروسًا لا تُنسى، تعلمت منها الكثير… الكثير… الكثير، وكل لحظة قضيتها في حضرة فكرك كانت خطوة نحو الارتقاء والتعلم.

ختامًا، أتوجه إليك بتهنئة صادقة، أستاذ الأجيال، على ما قدمته وتقدمه، ودمت منارة علم ومعرفة، مفخرة لهذا الوطن وأهله. وفقك الله وأدامك في خدمة العلم والإبداع.

 

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...