على أعتاب استضافة كأس العالم 2030، تقف المملكة المغربية بطموحات كبيرة لتأكيد قدرتها على تنظيم حدث رياضي عالمي. ولكن خلف الكواليس، تظهر تحديات في بعض القطاعات التي تُعدّ شريانًا أساسيًا لدعم مثل هذه الطموحات، وعلى رأسها قطاع النقل السككي، حيث تتوجه أصابع الاتهام إلى المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF) بسبب تكرار مشكلات تعيق تقديم خدمات تليق بتطلعات المواطنين والزوار.
شهدت، صباح السبت 26 دجنبر 2024، محطة القطار الدار البيضاء المسافرين فوضى عارمة بعد تأخر القطار رقم 903 المتجه إلى خريبكة لأكثر من ساعتين، غياب التوضيحات وافتقار الركاب لأي وسيلة بديلة أثار موجة استياء عارمة.
أحد الركاب، الذي كان يسابق الزمن للوصول إلى وجهته رفقة طفله المريض، عبر عن استيائه العميق من غياب أي تواصل أو مسؤولية واضحة من طرف إدارة المكتب الوطني.
هذه الحادثة ليست استثناءً، بل حلقة في سلسلة طويلة من الإخفاقات التي تواجهها “ONCF”. فمع تكرار تأخر القطارات وضعف خدمات الطوارئ، باتت هذه المؤسسة العمومية محل انتقاد واسع؛ مثل هذه الأحداث تضع تساؤلات ملحة حول مدى جاهزية المكتب الوطني للسكك الحديدية لدعم استعدادات المغرب لاستضافة أحداث رياضية كبرى، مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
يبدو أن “ONCF” تعاني من مشكلات تتجاوز مجرد تأخير قطار هنا أو هناك، فالإخفاقات تشير إلى غياب خطط طوارئ فعالة ومنظومة واضحة للتواصل مع المسافرين، ما يُظهر ضعفًا في إدارة الأزمات قد يضر بسمعة البلاد خلال استضافة الزوار والمشجعين من مختلف دول العالم.
إن النجاح في استضافة حدث عالمي بهذا الحجم لا يعتمد فقط على الإرادة السياسية والخطط الكبرى، بل أيضًا على مؤسسات مثل “ONCF” لتوفير خدمات نقل تسهم في تحقيق تجربة سلسة وآمنة للركاب، فغياب الكفاءة في إدارة القطارات ومواعيدها قد ينسف جزءًا من الجهود الوطنية، ويجعل المكتب الوطني نقطة ضعف في ملف المغرب التنظيمي.
وبدلًا من تقديم حلول ملموسة، يبدو أن “ONCF” تستمر في تجاهل أهمية تحسين خدماتها، فالتواصل مع المسافرين خلال الأزمات، توفير بدائل للنقل، والالتزام الصارم بالمواعيد ليست مجرد خدمات تكميلية، بل هي أساسية لدعم تطلعات المغرب المستقبلية.
على المكتب الوطني للسكك الحديدية تحمل مسؤوليته كاملة والارتقاء بمستوى خدماته إلى مستوى الطموحات الوطنية، فلا يمكن الحديث عن تنظيم كأس العالم دون أن يكون النقل السككي عنوانًا للنجاح، وليس مصدرًا للفوضى والانتقاد، وعلى “ONCF” أن تُثبت قدرتها على مواكبة تطلعات المغرب، بدل أن تكون حجر عثرة أمام طموحاتها العالمية.
يجب أن تتحول الانتقادات الحالية إلى نقطة انطلاق نحو إصلاح جذري في خدمات “ONCF”، فالمغرب يستحق دعمًا كاملاً من كل مؤسساته، بما يضمن تنظيمًا عالميًا يليق بمكانته وطموحاته الكبيرة.