مبادرة الوطن “أولاً ودائمًا” تطلق نداء لتفعيل حلول مستدامة في مواجهة تداعيات الإجهاد المائي على الأمن الغذائي
نظّم منتدى القنيطرة الإقليمي للتنمية ومبادرة الوطن “أولاً ودائمًا” ندوة وطنية بشراكة مع المندوبية الجهوية لحوض سبو والجمعية الجهوية للمستشارين الفلاحيين الخواص، حيث جاءت الندوة التي نظمت أشغالها يوم أمس السبت الموافق لـ 21 دجنبر الجاري، تحت عنوان “تحديات الأمن الغذائي في ظل وضعية الإجهاد المائي بالمغرب”، مسلطة الضوء على أبعاد هذه الأزمة وتأثيرها على الزراعة، الصيد البحري والمجتمع ككل، لاسيما وأن الأمن الغذائي أصبح تحديًا وطنيًا يستدعي حلولًا جذرية ومستدامة.
خلال اللقاء ناقش المشاركون بمن فيهم ثلة من خبراء الأمن الغذائي، كيفية انتقال بعض المناطق في المغرب من مرحلة الإجهاد المائي إلى مرحلة ندرة المياه، مما يفرض تحديات جسيمة على مستقبل الأجيال القادمة، حيث أثار النقاش مسألة استنزاف الفرشة المائية وعدم ترشيد استغلال هذا المورد الحيوي؛ خصوصا في القطاعات التي تستهلك كميات كبيرة من الموارد المائية، فهذه القضايا تُلقي بظلالها على قدرة البلاد على تحقيق السيادة الغذائية.

وبالمناسبة أكد عزيز الرباح رئيس جمعية مبادرة الوطن “أولاً ودائمًا” في تصريح خص به جريدة “العالم 24″، على أهمية إعادة ترتيب الأولويات الوطنية لضمان الأمن الغذائي، مشيرا إلى أن التحدي الكبير يكمن في تحقيق توازن بين توفير الغذاء بجودة عالية والحفاظ على الموارد المائية للأجيال المقبلة، كما شدد على ضرورة تحسين حكامة تدبير الاستثمارات المرتبطة بالماء والزراعة، وعدم فتح المجال أمام مشاريع تستنزف الفرشة المائية دون دراسة جدوى مدروسة بدقة.
كما أوضح الرباح أن السياسات الحالية يجب أن تركز على تحقيق الاستقرار في المناطق القروية التي تعتمد على الزراعة والصيد، مع تعزيز الصناعة الغذائية التي تضيف قيمة اقتصادية، قبل التفكير في التصدير الذي يُعد من أبرز عوامل استنزاف الموارد المائية، وأشار إلى أن المغرب أصبح يستورد أكثر مما يُصدّر، مما يضعف العائدات ويزيد من الضغط على العملة الصعبة.

من جهتهم أكد المشاركون أن الحلول لا تقتصر فقط على السياسات الحكومية، بل تتطلب تعاونًا من كافة الأطراف، بما في ذلك المستثمرين والقطاع الخاص والمجتمع المدني، ومن بين المقترحات التي تمت مناقشتها نجد ترشيد استخدام المياه من خلال تقنيات حديثة مثل الري بالتنقيط، وتطوير البنية التحتية لحفظ المياه وإعادة النظر في أولويات الاستثمار عبر توجيه الاستثمارات نحو المشاريع التي تضمن استدامة الموارد، بالإضافة لتعزيز البحث العلمي بتطوير حلول مبتكرة تتماشى مع التغيرات المناخية والظروف المحلية، فضلا عن نشر توعية مجتمعية كفيلة بتغيير السلوكيات المرتبطة باستهلاك المياه.
وبذلك، تبقى قضية الأمن الغذائي والإجهاد المائي تحديًا وجوديًا يتطلب تكاثف مختلف الفاعلين، ومع استمرار النقاشات على المستوى الوطني يأمل المغاربة أن تُترجم هذه الحوارات إلى سياسات فعّالة تضمن لهم وللأجيال القادمة حياة كريمة ومستدامة.
