المغرب وفرنسا يربطهما تاريخ طويل من التعاون، أعمق من مجرد علاقات دبلوماسية؛ فالعلاقات تمتد إلى جوانب اجتماعية وثقافية تتجلى في التفاعل الإنساني بين الشعوب. هذه الشجرة العريقة، التي تمتد جذورها في إفريقيا بينما تتنفس عبر أوراقها الممتدة إلى أوروبا، تشكل الأساس المتين لعلاقات ثنائية تعززها اتفاقيات اقتصادية وتعاونات ثقافية.
تشير الإحصائيات إلى أن فرنسا، بأكثر من 1000 فرع لشركاتها في المغرب، تحتل المرتبة الأولى كأكبر مستثمر أجنبي، وتوفر أكثر من 50 ألف فرصة عمل في السوق المغربية. هذا التعاون الاقتصادي يعزز الرؤية المستقبلية نحو شراكة اقتصادية متكاملة، حيث تم توقيع 22 اتفاقية شراكة تحت رعاية الملك محمد السادس ورئيس الجمهورية الفرنسية. وتستمر هذه الجهود من خلال مشاريع جديدة تجمع بين ريادة الأعمال في مجالات الطاقات المتجددة والبصمة الكربونية، إذ يساهم المغرب بدور فعال في الانتقال الطاقي من خلال مشروعات مثل الهيدروجين الأخضر بالتعاون مع المكتب الشريف للفوسفات.
إضافة إلى الاقتصاد، فإن التعليم يمثل محورًا أساسيًا في هذه الشراكة، حيث يوجد أكثر من 50 ألف طالب على مستوى البعثات الفرنسية في المغرب، وما يزيد على 550 ألف معلم في 44 مؤسسة تعليمية، فضلاً عن الجامعات التي تقدم دبلومات مزدوجة. هذا التعاون التعليمي يعكس التزام البلدين بتأهيل الكوادر الشابة لتعزيز التنمية البشرية.
وبالنظر إلى المستقبل، تتطلع كل من المغرب وفرنسا إلى تحقيق شراكة أكثر استدامة، حيث سيتم تسليط الضوء على تطوير المناطق الجنوبية، وإقامة مشروعات تدعم السيادة الغذائية والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى تدابير تحافظ على استقرار المنطقة. يأتي ذلك بالتوازي مع التزام مشترك نحو القضايا الإقليمية والدولية، التي تمثل جزءًا من مسؤوليات الدبلوماسيين في البلدين.
المرحلة المقبلة من الشراكة تبرز كفصل جديد في العلاقات الثنائية، والتي ستتوج بزيارة مرتقبة لعاهل المغرب إلى فرنسا في فصل الخريف المقبل، حيث سيتم إحياء ذكرى العلاقات العريقة بين البلدين في سان كلو، مما يفتح المجال لكتابة صفحات جديدة تعزز الثقة المتبادلة وتضع أسسًا قوية للتعاون المستقبلي.
المصدر: Alalam24