مساطر معالجة صعوبات المقاولة في بعدها الدولي

الكاتبة: راضية الطيبي

باحثة بسلك الدكتوراه، بكلية العلوم القانونية والسياسية بالقنيطرة

 

مقدمة:

عرف المغرب في السنوات الماضية عدة تحولات على المستوى الاقتصادي في إطار محاولته تأهيل مختلف مكونات المقاولة المغربية باعتبارها النواة الأساسية التي تنبني عليها السياسات الاستثمارية للدولة، لذلك عملت الحكومة جاهدة على إصلاح العديد من المجالات خاصة ما يرتبط بميدان الأعمال بغية النهوض بالاقتصاد المغربي وجعله أداة لجلب الاستثمارات الأجنبية، وكذا العمل على تشجيع الاستثمارات الوطنية من خلال سن ترسانة تشريعية قوية قادرة على توفير الحماية اللازمة للمقاولة من الصعوبات التي يمكن أن تعترضها وتعرقل سيرورتها واستمراريتها.

ونظرا لأهمية تعزيز الاستثمار الأجنبي في تحسين مناخ الأعمال بالمغرب من خلال خلق فرص الشغل وزيادة دخل الفرد وتحسين وضعيته المالية والاجتماعية، عملت الدولة على نهج سياسة إصلاحية للنهوض بالأرضية التشريعية المنظمة لمجال الاستثمار وتشجيع المبادرة الحرة للمستثمرين حتى تتمكن المقاولة من تقوية قدرتها التنافسية. و من أجل ملائمة واقع الاستثمار بالمغرب مع متطلبات النموذج التنموي الجديد ومع جميع التحولات التي يعرفها المغرب، عمدت الدولة على سن قانون الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار[1] استجابة للتعليمات السامية لجلالته التي انصبت على ضرورة اعتماد ميثاق جديد ومحفز للاستثمار في أقرب وقت ممكن، وذلك خلال إلقائه لخطاب افتتاح الدورة البرلمانية بتاريخ 8 أكتوبر 2021 بعد مرور 26 سنة على اعتماد القانون الإطار رقم 95.18 [2]بمثابة ميثاق الاستثمارات، وذلك بغية الرفع من مستوى الاستثمار وبالتالي تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.

حيث أنه في ظل غياب قواعد قانونية قادرة على معالجة صعوبات المقاولة في بعدها الدولي وحماية كافة المصالح المرتبطة بها، تم العمل دوليا على توحيد القواعد القانونية المنظمة لمساطر صعوبات المقاولة العابرة للحدود لأجل إيجاد حل للإشكالات الناتجة عن هذه المساطر حيث أصدرت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي قانون اليونيسترال النموذجي بشأن الإعسار عبر الحدود سنة 1997 ثم بعده دليل اليونيسترال النموذجي بشأن التعاون في مجال الإعسار عبر الحدود سنة 2009 وقانون اليونيسترال النموذجي بشأن الإعسار عبر الحدود المنظور القضائي إضافة إلى دليل الإشتراع والتفسير المتعلق بالقانون النموذجي لسنة 1997، إضافة إلى ذلك قام البرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي بإصدار اللائحة الأوروبي رقم 2000/1346 المتعلقة بمساطر الإعسار.

وهكذا عمدت معظم التشريعات المقارنة إلى تنظيم مساطر صعوبات المقاولة الدولية اعتمادا على المقتضيات المكرسة في قانون اليونيسترال النموذجي بشأن الإعسار عبر الحدود شأنها في ذلك شأن القانون المغربي الذي أخذ بمساطر صعوبات المقاولة العابرة للحدود كنمط جديد  يعنى بمساعدة المقاولات المتعثرة للخروج من الأزمات التي تعاني منها، وتوفير الحماية اللازمة لمختلف المصالح المرتبطة بها وضمان استقرار المعاملات التجارية الدولية، خاصة أن المقتضيات الوطنية غير قادرة على حل ومعالجة صعوبات المقاولة ذات الطابع الدولي مما دفع المشرع إلى تنظيم هذه المساطر من خلال إصدار القانون 73.17 القاضي بتغيير وتتميم الكتاب الخامس من مدونة التجارة كوسيلة لإيجاد حلول شاملة للمشاكل القانونية الناجمة عن انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال عبر الحدود[3]. مقتبسا إياها من قانون اليونسيترال النموذجي بشأن الإعسار عبر الحدود[4] بهدف التنسيق والتعاون بين القوانين الوطنية لحل معضلة المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة، وذلك من خلال تحقيق التعاون بين المحاكم والسلطات المختصة في الدولة التي فتحت فيها الإجراءات والدول الأجنبية وبالتالي العمل على إدارة حالات الإعسار عبر الحدود بشكل منصف وناجع حتى يتم توفير الحماية اللازمة للدائنين والأطراف الأخرى المعنية بإجراءات الإعسار.

فالمساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة تعتبر مظهرا من مظاهر التعاون القضائي بين محاكم المملكة والمحكمة الأجنبية، حيث تتمثل في كل الإجراءات القضائية الواردة في قانون أجنبي والمطلوب تنفيذها في بلد آخر، لها علاقة بمادة صعوبات المقاولة، وتتمحور حول علاقة الدائن بالمدين في المادة التجارية والتي تختص بالنظر فيها حصرا: المحاكم التجارية دون غيرها من الهيئات الأخرى، كالتحكيم أو الوساطة الاتفاقية مثلا[5].

وعليه، فقد انصب اهتمام المشرع الوطني في الآونة الأخيرة على تشجيع الاستثمار وجلب رؤوس الأموال الأجنبية واستقطاب الشركات الأجنبية للاستثمار داخل تراب المملكة بغية النهوض بالاقتصاد الوطني والارتقاء بمرتبة المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة في مجال المال والأعمال، لذلك كان لابد من خلق نظام قانوني يعمل على معالجة الصعوبات ذات البعد الدولي التي يمكن أن تعترض الشركات المستثمرة إضافة إلى حماية الدائنين وكافة المصالح المرتبطة بها، ما دام أن الهدف وراء إقرار هذه المساطر هو تسهيل التعاون بين المحاكم المغربية والمحاكم الأجنبية وتعزيز الأمن القانوني في مجال الاستثمار العابر للحدود.

من هنا يتضح أن موضوع المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة يكتسي أهمية بالغة تظهر جليا على المستوى القانوني من حيث اعتبارها من المستجدات التي جاء بها القانون 73.17 المتعلق بمساطر معالجة صعوبات المقاولة بهدف توفير الحماية اللازمة للمقاولة المعسرة على المستوى الدولي وإيجاد حل قانوني للقضايا التي تطرحها وضعية المقاولات التي لها أصول ودائنين خارج وداخل الدولة. أما على المستوى الاقتصادي، فتنظيم هذه المساطر بشكل منصف وفعال ينعكس على مناخ الأعمال بالمغرب كما يساهم في تشجيع التجارة الدولية وتحفيز الاستثمار الأجنبي باعتباره عاملا أساسيا في مسلسل التنمية ببلادنا.

وعليه، فإن هذا الموضوع يطرح إشكالية أساسية مفادها مدى توفق المشرع المغربي من خلال تنظيم المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة بالقانون 73.17، في توفير الضمانات القانونية اللازمة لتأهيل المقاولة العابرة للحدود وتشجيع استمرارها؟

للإجابة عن الإشكالية أعلاه، ارتأيت اعتماد التقسيم التالي:

المبحث الأول: القواعد القانونية الخاصة للولوج إلى المساطر الوطنية

المبحث الثاني: القواعد القانونية الخاصة للاعتراف بالمساطر الأجنبية

 

المبحث الأول: القواعد القانونية الخاصة للولوج إلى المساطر الوطنية

تعتبر مساطر صعوبات المقاولة مجالا خصبا للتنازع بين مصالح متعددة ومتناقضة، فالمقاولة تكون عاجزة عن سداد الديون التي عليها، وتصبح في حالة النزاع مع الموردين والمتعاقدين معها، وأحيانا مع الأجراء والمستخدمين العاملين لديها سواء كانوا في الداخل أو الخارج[6]، لذلك عمل المشرع المغربي على الأخذ بالمساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة باعتبارها من المستجدات التي أتى بها القانون رقم 73.17 وذلك في إطار رغبة المشرع في إخضاع المقاولات التي تعاني صعوبات عابرة للحدود إلى المعالجة بهدف تقويم وضعيتها ووضع حد لتفاقمها[7]، وكذلك بغية تشجيع المقاولات وتوفير ضمانات لرجال الأعمال والحفاظ على استقرار المعاملات التجارية سواء الداخلية أو الخارجية[8].

لأجل ذلك، كان على المشرع المغربي الأخذ بالعديد من المقتضيات القانونية الكفيلة بتوفير المناخ الملائم الذي يساهم في تشجيع الاستثمارات الأجنبية وتأهيل الاستثمار الوطني وهذا ما تحقق من خلال تنصيصه في القانون 73.17 على عدة آليات قانونية تمكن الأشخاص الأجانب من الولوج إلى المساطر الوطنية،  ويتعلق الأمر بكل من الدائنين الأجانب والممثل الأجنبي، حيث باستقرائنا لمقتضيات القسم التاسع من القانون السالف ذكره يتضح جليا أنه تم منح الحق لهذان الجهازان في تقديم طلب الولوج إلى المساطر الوطنية شرط التوفر على عدة شروط شكلية وموضوعية تستند عليها المحكمة المختصة للبت في الطلب (المطلب الأول) وباتباع جملة من الإجراءات حتى يرتب آثاره القانونية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الولوج إلى المساطر الوطنية

إذا كانت المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة تهدف إلى وضع مساطر للمعالجة للحالات العابرة للحدود لصعوبات المقاولة عن طريق تسهيل تعاون المحاكم المغربية مع المحاكم الأجنبية المعنية بمساطر صعوبات المقاولة، وتعزيز الأمن القانوني في مجالات التجارة والاستثمار العابرة للحدود، وإدارة هذه المساطر إدارة منصفة وناجعة بالشكل الذي يحمي الدائنين والأطراف الأخرى بما فيهم المدين[9]، فإن المشرع قد خول لجهات معينة الحق في الولوج إلى المساطر الوطنية لصعوبات المقاولة، عن طريق تقديم طلب بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائيتين طبقا للقانون الجاري به العمل داخل المملكة المغربية شريطة احترامه للضوابط القانونية التي حددها المشرع لذلك (الفقرة الأولى) واتباع الشكليات والإجراءات اللازمة للولوج إلى المساطر الوطنية( الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: الحق في الولوج إلى المساطر الوطنية لصعوبات المقاولة وشروطه

ثانيا: الشروط الشكلية والموضوعية للولوج إلى المساطر الوطنية لصعوبات المقاولة       

لقد أعطى المشرع للمحكمة سلطة البت في الطلبات المقدمة بخصوص الولوج إلى المساطر الوطنية واتخاذ قرار بقبول الطلب أو برفضه حسب ما إذا كان متوفرا على الشروط المتطلبة سواء كانت شكلية (أ) أو موضوعية (ب).

  • الشروط الشكلية للولوج إلى المساطر الوطنية
  • شروط تقديم طلب الولوج من طرف الممثل الأجنبي

من خلال استقرائنا للمقتضيات المضمنة بالقسم التاسع من الكتاب الخامس من مدونة التجارة المغربية، يتضح أن المشرع قد أقر بإمكانية الولوج إلى المساطر الوطنية لصعوبات المقاولة من خلال تخويل جهات معينة الحق في تقديم طلبهم الرامي إلى فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية وذلك في احترام تام للشروط القانونية الواجب المحددة قانونا. وعليه، فإن ولوج الممثل الأجنبي أو الدائنين الأجانب إلى المساطر الوطنية رهين بتوفر الطلب المقدم من طرفهم على عدة شروط شكلية ضرورية يترتب على تخلفها رفض الطلب من طرف المحكمة المختصة.

حيث يتضح من خلال الاطلاع على مقتضيات القسم التاسع من القانون 73.17 المنظم للمساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة، أنها منحت للممثل الأجنبي الحق في تقديم طلب بشأن فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية [10]ويبقى على المحكمة المقدم لها هذا الطلب التأكد من توفر الشروط المضمنة بالمادة 575 من القانون السالف الذكر حسب ما أكدت عليه المادة 778[11] من نفس القانون.

وهو نفس المقتضى الذي أقره القانون النموذجي لليونيسترال حيث أكد في المادة التاسعة منه على أنه: “يحق لممثل أجنبي أن يقدم طلبا مباشرة إلى محكمة في هذه الدولة” كما نصت المادة 11 من نفس القانون على أنه “يحق لممثل أجنبي أن يطلب البدء في إجراء بموجب (تدرج أسماء القوانين ذات الصلة بالإعسار في الدولة المشترعة) إذا استوفيت الشروط اللازمة لبدء هذا الإجراء”.

ولولوج الممثل الأجنبي المساطر الوطنية لابد من تقديم طلبه على شكل مقال افتتاحي للدعوى تكريسا للمسطرة الكتابية المعتمدة أمام المحاكم التجارية بالمملكة[12]،ويجب عليه تضمين طلبه البيانات الواجب توفرها في المقالات الافتتاحية وفق القواعد العامة المنصوص عليها في الفصل [13]32 من قانون المسطرة المدنية[14] بناء على ما جاءت به المادة 578 من مدونة التجارة المغربية حيث نصت على أنه:” يمكن فتح المسطرة بمقال افتتاحي للدعوى لأحد الدائنين كيفما كانت طبيعة دينه”. كما أن المشرع قد منح للممثل الأجنبي الحق في الولوج إلى المساطر الوطنية بشكل مباشر دون الحاجة إلى تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية والسبب في ذلك أن الهدف الأساسي للقسم التاسع من مدونة التجارة والقانون النموذجي لليونيسترال يتمثل في توفير سبل سريعة ومباشرة لوصول الممثلين الأجانب إلى المحاكم[15].

كما أن المحكمة التجارية المختصة وهي بصدد البت في الطلب المقدم من الممثل الأجنبي تكون ملزمة بالتأكد من توفره على الإذن بممارسة الحق في الولوج إلى المساطر الوطنية حسب ما يستفاد من نص المادة 769[16] من القانون 73.17 حيث أكدت على أن:” الممثل الأجنبي كل شخص أو هيئة مأذون لهما في إطار مسطرة أجنبية بإدارة أموال المدين وشؤونه عن طريق المعالجة أو التصفية أو التصرف كممثل لمسطرة أجنبية” وبالتالي لا يحق للممثل الأجنبي أن يتقدم بطلب الولوج إلى المساطر الوطنية إلا إذا توفر على إذن يقضي بذلك، إضافة إلى أن المشرع المغربي قد كرس مبدأ الاختصاص القضائي المحدود للمحاكم المغربية فيما يتعلق بطلب الممثل الأجنبي، ذلك أن محاكم المملكة تبقى مختصة فقط بالنسبة لأصول المدين وأعماله التجارية الأجنبية، وكذا وضعية الممثل الأجنبي المحددة في الطلب[17]،وهكذا فقد نصت المادة 777 من مدونة التجارة على ذلك : “تختص محاكم المملكة بالنسبة لأصول المدين أو أعماله التجارية الأجنبية، وكذا وضعية الممثل الأجنبي، في حدود الملتمسات الواردة في طلب هذا الأخير”[18].

 

  • شروط تقديم طلب الولوج من طرف الدائن الأجنبي

إضافة إلى ما سبق ذكره، فقد متع المشرع المغربي الدائنين الأجانب بحقهم في الولوج إلى المساطر الوطنية قصد فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية طبقا للقانون الوطني، وذلك حسب ما جاءت به المادة 779 من القانون 73.17 حيث نصت على أنه:” يتمتع الدائنون القاطنون في بلد أجنبي بنفس حقوق الدائنين القاطنين داخل تراب المملكة فيما يخص مباشرة إجراءات المسطرة أو المشاركة فيها…” حيث يلاحظ أن المشرع قد ساوى بين الدائنين الأجانب والمغاربة دون تمييز بينهم بغض النظر عن طبيعة ديونهم أي سواء كانت تجارية أو اجتماعية أو عمومية أو مدنية وبغض النظر عن حجم الدين أو نوعيته أي سواء كان عاديا أو مضمونا برهن رسمي أو رهن حيازي [19]، وهو نفس المقتضى الذي أكدت عليه المادة 13[20]من القانون النموذجي لليونيسترال والمادة 119 من قانون الإعسار الأردني[21] التي جاءت على الشكل التالي :”يتمتع الدائنون الأجانب بالحقوق الممنوحة للدائنين المحليين بخصوص الحق في إشهار الإعسار والاشتراك في الإجراءات بموجب أحكام هذا الفصل”.

ومن خلال الاطلاع على مقتضيات قانون اليونيسترال النموذجي يتضح أنه تضمن مجموعة من القواعد الإجرائية التي نظم من خلالها مسألة إخطار الدائنين خاصة أولئك المقيمين في الخارج، حيث نصت المادة 14 منه على أنه:” حيثما يشترط توجيه إشعار ببدء الإجراءات في هذه الدولة بموجب (تدرج أسماء القوانين ذات الصلة بالإعسار في الدولة المشترعة) يوجه ذلك الإشعار أيضا إلى الدائنين المعروفين الذين ليس لهم عنوان في هذه الدولة. ويجوز للمحكمة أن تأمر باتخاذ التدابير المناسبة قصد إشعار الدائنين الذين لا تعرف عناوينهم بعد. يوجه هذا الإشعار إلى الدائنين الأجانب كل على حدة ما لم تعتبر المحكمة أن من الأنسب تبعا للظروف اللجوء إلى شكل آخر من أشكال الإشعار..”

وغير بعيد عن ذلك، أكد المشرع المغربي من خلال المادة 780 من القانون 73.17 على ضرورة إشعار الدائنين القاطنين داخل تراب المملكة وتوجيه نفس الإشعار إلى الدائنين بالخارج المعروفين لدى المحكمة والذين ليس لهم عنوان داخل تراب المملكة، كما يمكنها اتخاذ التدابير التي تراها مناسبة قصد إشعار الدائنين الذين لا تتوفر على عناوينهم مع توجيه هذا الإشعار إلى الدائنين كل على حدة. ما لم تعتبر المحكمة أنه من الأنسب تبعا للظروف اللجوء إلى شكل آخر من أشكال الإشعار دون الحاجة إلى إنابة قضائية أو غيرها من الإجراءات المماثلة.

  • الشروط الموضوعية للولوج إلى المساطر الوطنية

إلى جانب الشروط الشكلية التي تحرص المحكمة على مراقبة مدى توفرها في الطلب المقدم للولوج إلى المساطر الوطنية، فإنها تبسط رقابتها على الطلب من الناحية الموضوعية للتأكد من مدى توفر الضوابط المنصوص عليها في القسم التاسع من القانون 73.17 المتعلق بمساطر معالجة صعوبات المقاولة.

فبالرجوع إلى نص المادة 778 من القانون نفسه، نجدها قد أحالت على مقتضيات المادة 575 بخصوص الشروط الموضوعية الواجب توفرها في الطلب لكي يتم قبوله من طرف القضاء، ويتعلق الأمر بإلزامية التوفر على الصفة التجارية لافتتاح المسطرة العابرة للحدود سواء تعلق الأمر بالشخص الذاتي أو الاعتباري (أولا) بالإضافة إلى شرط التوقف عن الدفع (ثانيا)

أولا: الصفة التجارية للمقاولة

إذا كان المشرع المغربي قد اشترط توفر الصفة التجارية في المدين قبل أن تقضي المحكمة بفتح إحدى مساطر معالجة صعوبات المقاولة طبقا لما جاءت به مدونة التجارة المغربية، فإنه أضاف شرطا آخر كلما تعلق الأمر بالمقاولات الدولية، حيث ألزم المحكمة وهي تنظر في الطلب المقدم أن تتأكد من تجارية أنشطتها ومن وجود دائنين خارج التراب الوطني.

  • الأشخاص الذاتيين

برجوعنا إلى المادة 575 من مدونة التجارة، نجدها قد سمحت بفتح مسطرة التسوية القضائية في وجه المقاولة المتوقفة عن الدفع، والمقصود بالمقاولة حسب منطوق المادة 545 من نفس القانون الشخص الذاتي التاجر. وقد عمل المشرع على تحديد الصفات الواجب توفرها في الشخص الذاتي حتى يكتسب الصفة التي تخول له ممارسة الأنشطة التجارية وبالتالي إمكانية خضوعه لمساطر معالجة صعوبات المقاولة.

فالشخص الطبيعي يكتسب الصفة التجارية بالممارسة الاعتيادية والاحترافية لإحدى الأنشطة المنصوص عليها صراحة في المادتين السادسة والسابعة من مدونة التجارة، وأن يكون أهلا لمزاولة نشاطه التجاري بشكل مستقل ولحسابه الخاص دون تبعية.

وفي مقابل ذلك، سمح المشرع بإخضاع القاصر التاجر لهاته المساطر متى توفرت فيه الشروط المحددة قانونيا لاعتباره ذو أهلية قانونية لممارسة الأنشطة التجارية، ويتعلق الأمر بترشيده أو بحصوله على الإذن بالاتجار الذين وجب تقييدهما بالسجل التجاري حتى يكتسب القاصر نفس حقوق التاجر ويخضع لنفس الالتزامات الملقاة على عاتقه.

  • الأشخاص المعنوية

من خلال استقرائنا لمنطوق المادة 546 من مدونة التجارة المغربية، يتضح أنها حددت الأشخاص المعنوية الخاضعة لنظام معالجة صعوبات المقاولة في الشركات التجارية، ويتعلق الأمر بكل من شركات المساهمة[22] وشركات التضامن وشركات التوصية بالأسهم وشركات التوصية البسيطة والشركات ذات المسؤولية المحدودة[23]، فهي شركات تجارية من حيث الشكل بغض النظر عن غرضها باستثناء شركة المحاصة التي لا تعد تجارية إلا إذا كان غرضها تجاريا ولا تتمتع بالشخصية المعنوية.

ثانيا: التوقف عن الدفع

يعد التوقف عن الدفع الشرط الثاني من الشروط التي استلزمها المشرع لافتتاح مسطرتي التسوية أو التصفية القضائيتين حيث أن انعدامه يؤدي بالضرورة إلى التصريح بعدم قبول الدعوى، فتوقف المقاولة التجارية عن الدفع يعبر عن حالتها المتعثرة والتي تستدعي التدخل القضائي لتذليل الصعوبات التي تواجهها.

وفي هذا الصدد، أكدت المادة 575 من مدونة التجارة على أن توقف المقاولة عن الدفع يتحقق متى عجزت عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة، وعليه فإن مفهوم التوقف عن الدفع حسب ما جاء به الفصل المذكور يتعلق أساسا بالوضعية الاقتصادية والمالية للمقاولة وذلك من حيث عدم قدرتها على سداد ديونها المستحقة، على اعتبار أن تعرض المقاولة لصعوبات تخل باستمراريتها لا يعبر بالضرورة عن نهايتها وإنما يفتح المجال أمام تدخل أجهزة أخرى لمساعدتها على التعافي وتجاوز الصعوبات التي تعرقل سيرورتها وبالتالي تمكينها من ضمان استمرارية نشاطها.

المطلب الثاني: الآثار المترتبة عن الولوج إلى المساطر الوطنية

من المعلوم أن مباشرة أي إجراء أو تصرف قانوني إلا وتنتج عنه مجموعة من الآثار ذات الطابع القانوني وكذلك الشأن بالنسبة لمساطر صعوبات المقاولة في بعدها الدولي حيث أن إعمالها يسفر عن جملة من الآثار تتنوع بين ما هو وطني وما هو دولي.

وإذا كان المشرع المغربي قد منح الحق لكل من الممثل الأجنبي والدائنين القاطنين خارج التراب الوطني في تقديم طلب الولوج إلى المساطر الوطنية عبر فتح إحدى مساطر معالجة صعوبات المقاولة من خلال الارتكاز على الضوابط المحددة في المادة 575 وما يليها من مدونة التجارة، فإن الحكم بالولوج إلى هذه المساطر يرتب آثارا على الدائنين الأجانب من جهة (الفقرة الأولى) وعلى أموال المقاولة المدينة من جهة ثانية (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: أثر الولوج إلى المساطر الوطنية على الدائنين القاطنين بالخارج

يترتب عن الولوج إلى المساطر الوطنية آثار في غاية الأهمية بالنسبة للدائنين وتتمثل أساسا في مسطرة إشعارهم بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية (أولا) وكذا مسطرة التصريح بالديون (ثانيا)

أولا: مسطرة الإشعار

تعد مسطرة الإشعار آلية ضرورية اعتمدها المشرع من أجل إخطار الدائنين وجميع أطراف المسطرة حتى يتمكنوا من ممارسة حقوقهم، وقد عملت مدونة التجارة المغربية على اعتماد مسطرة الإشعار بمقتضى المادة 584 التي أكدت على ضرورة الإشارة إلى الحكم القضائي بالسجل التجاري المحلي والمركزي فور النطق به ويعين على كاتب الضبط نشر إشعار بالحكم في إحدى الصحف المخول لها نشر الإعلانات القانونية والقضائية والإدارية.

إلى جانب ذلك، أكد المشرع من خلال المادة 780 كم نفس القانون على وجوب إشعار الدائنين بالولوج إلى المساطر الوطنية كلما تعلق الأمر بالمساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة حيث نصت على أنه :”حينما يتوجب إشعار الدائنين القاطنين داخل تراب المملكة يوجه نفس الإشعار إلى الدائنين بالخارج المعروفين لدى المحكمة والذين ليس لهم عنوان داخل تراب المملكة، ويمكن لها أن تتخذ التدابير المناسبة قصد إشعار الدائنين الذين لا تتوفر على عناوينهم”.

من خلال استقراء مقتضيات المادة أعلاه، يتبين أن المشرع قد ساوى بين الدائنين القاطنين بالمغرب والدائنين الأجانب وعاملهم بنفس الطريقة حماية لحقوقهم، فأوجب على السنديك إشعار الدائنين المعروفين لديه وكذا المدرجين بالقائمة المدلى بها من طرف المدين والناشئة ديونهم قبل صدور حكم فتح المسطرة، وأيضا الدائنين الحاملين لضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم شهرهما، كما أنه لابد من الإشارة إلى أجل أربعة أشهر للتصريح بالديون من تاريخ الإشعار أو من تاريخ نشر الحكم بفتح المسطرة.

وفي نفس الاتجاه، ذهب قانون اليونيسترال النموذجي إلى التأكيد على إلزامية اشعار الدائنين الأجانب لإبلاغهم ببدء إجراءات الاعسار حسب ما جاءت به المادة   [24]14 من القانون المذكور و هو نفس المقتضى الذي كسره قانون الاعسار الأردني في المادة 120 منه[25].

ثانيا: مسطرة التصريح بالدين

يعرف التصريح بالدين بكونه ذلك الطلب الذي يتقدم به الدائن العمومي للحصول على دينه الذي بذمة المقاولة المدينة والتي فتحت بشأنها مسطرة التسوية او التصفية القضائية، وذلك متى كان الدين يعود الى تاريخ سابق لتاريخ صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة، ويعد الخطوة الأولى التي يعلن بواسطتها قابض الخزينة عن وجود دين له في ذمة المقاولة التي توجد في وضعية صعوبة، حيث يقوم وفق مسطرة معينة بالإفصاح عن مبلغ دينه وعن طبيعته داخل اجال محددة لا ينبغي تجاوزها[26].

و برجوعنا الى القانون 73.17 نجد انه نظم لنا مسألة التصريح بالديون بالنسبة للدائنين القاطنين خارج التراب الوطني، حيث ألزم الدائنين الذين يعود دينهم لما قبل صدور حكم بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية، بالتصريح بديونهم إلى السنديك وذلك داخل الأجل القانوني الذي حدده المشرع في المادة 720 من القانون نفسه، فمسطرة التصريح بالديون تشمل الدائنين القاطنين داخل تراب المملكة و خارجها، كما أنها تهم جميع الديون كيفما كان شكلها دون تمييز بين الدائنين العاديين و الدائنين الإمتيازيين بل تمت معاملتهم بنفس الطريقة، وعليه يمكن القول أنه كلما كان الهدف هو المطالبة بمبلغ مالي وجب التصريح به ولو لم يكن مثبتا في سند سواء تعلق الأمر بديون مدنية أو تجارية أو مقرونة بامتيازات أو ضمانات أو عقد ائتمان إيجاري[27].

إلى جانب ذلك، لم يشترط المشرع المغربي أن يأتي التصريح بالدين في شكل محدد بل يكفي أن يكون صادرا عن الدائن وأن يوجه إلى السنديك داخل الأجل المنصوص عليه قانونا وأداء الرسم القضائي، مما يؤكد أن المشرع قد أعطى للدائن الحرية في اختيار شكل التصريح بالدين وإن كانت مقتضيات المادة 721 توحي بأنه لابد أن يأتي في شكل مكتوب لكونه يتضمن جملة من البيانات المحددة بمقتضى المادة والتي لا يمكن إفراغها إلا في محرر مكتوب، منها مبلغ الدين المستحق  وإذا كان الدين ممتازا لابد من تحديد طبيعته، كما أنه يجب تحديد مبلغ الدين بالعملة الوطنية إن كان محددا مسبقا بعملة أجنبية.

الفقرة الثانية: آثار الولوج إلى المساطر الوطنية على أموال المقاولة

إلى جانب ما تم ذكره، ينتج عن قبول طلب الولوج إلى المساطر الوطنية مجموعة من الآثار التي تمس المقاولة، سواء تعلق الأمر برئيسها باعتباره الجهة الموكول لها تسيير المقاولة (أولا) أو تعلق الأمر بالتصرفات التي تم إبرامها خلال فترة الريبة (ثانيا)

أولا: آثار المسطرة على رئيس المقاولة

تختلف الآثار المترتبة عن فتح المساطر الوطنية بين ما إذا كان الأمر يتعلق بمسطرة التسوية القضائية أو إذا تعلق الأمر بالتصفية القضائية، ففي الحالة الأولى لا يترتب على الحكم بها وقف نشاط المقاولة إلا إذا كانت قد وصلت إلى مرحلة تجعلها عاجزة عن استمراريتها، آنذاك تأمر المحكمة بتوقيفها عن النشاط بشكل كلي أو جزئي والحكم بتصفيتها قضائيا أو تلقائيا وبناء على تقرير القاضي المنتدب وذلك حسب ما جاءت به المادة 587 من القانون 73.17.

أما إذا تم الحكم بفتح مسطرة التصفية القضائية فإنه يترتب على ذلك غل يد المدين عن تسيير أموال المقاولة والتصرف فيها، بل يقوم السنديك مقامه في ممارسة حقوقه وإقامة دعاوى بشأن الذمة المالية خلال فترة التصفية حيث نصت المادة 651 من القانون 73.17 على أنه:” يتولى السنديك ممارسة حقوق المدين وإقامة الدعاوى بشأن ذمته المالية طيلة فترة التصفية القضائية”.

ثانيا: أثر فتح المساطر الوطنية على التصرفات المبرمة خلال فترة الريبة

تعرف فترة الريبة على أنها تلك المدة المتراوحة بين التوقف عن الدفع والحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية القضائية[28] وقد نص المشرع على فترة الريبة في المادة 712 من القانون 73.17:” تبتدأ فترة الريبة من تاريخ التوقف عن الدفع ولغاية حكم فتح المسطرة تنضاف إليها مدة سابقة على التوقف بالنسبة لبعض العقود”.

وتكتسي فترة الريبة أهمية بالغة من حيث مصير التصرفات التي يبرمها المدين خلال هاته الفترة والتي تعد باطلة بنظر القانون، كما نصت على ذلك المادة 714 حين اعتبرت أن العقود المبرمة بعد تاريخ التوقف عن الدفع تعد باطلة متى كانت بدون عوض حيث جاء فيها ما يلي:” يعتبر باطلا كل عقد بدون مقابل قام به المدين بعد تاريخ التوقف عن الدفع …” وبالتالي، فكل تصرف يجريه رئيس المقاولة بدون مقابل بعد توقف المقاولة عن الدفع يعد باطلا بقوة القانون ويتم الحكم بالبطلان من طرف المحكمة التجارية التي فتحت أمامها المسطرة. ولعل الهدف من إقرار جزاء البطلان على هذا النوع من التصرفات هو حماية أصول المقاولة من كل ما يجريه المدين خلال فترة الريبة من شأنه إلحاق أضرار بالمقاولة والمساهمة في تأزيم وضعيتها.

إضافة إلى ذلك، نلاحظ من خلال استقراء مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 714 والمادة 715 أن المشرع فسح المجال للمحكمة لإعمال سلطتها التقديرية للحكم ببطلان بعض التصرفات التي يجريها المدين خلال فترة الريبة أو اعتبارها صحيحة حسب ما تراه مناسبا مع الأخذ بعين الاعتبار التصرفات التي تضر بمصالح المقاولة، كما أنه تم استثناء بعض التصرفات من البطلان كما هو الشأن بالنسبة للكفالات أو الضمانات مهما كانت طبيعتها حسب ما جاءت به المادة 716 إضافة إلى الأوراق التجارية.

المبحث الثاني: القواعد القانونية الخاصة للاعتراف بالمساطر الأجنبية

تعرف المساطر الأجنبية بأنها مساطر معالجة صعوبات المقاولة المفتوحة ببلد أجنبي سواء كانت إدارية أو قضائية، بما في ذلك المساطر المؤقتة والتي تكون خاضعة للمقتضيات المنظمة لصعوبات المقاولة في هذا البلد وتكون فيها أموال المدين وأعماله خاضعة لرقابة وإشراف محكمة أجنبية[29].

وللاعتراف بالمسطرة الأجنبية وقبولها من طرف المحاكم التجارية الوطنية لابد من توفر عدة ضوابط (المطلب الأول) لكي يرتب الحكم القاضي بالاعتراف بهذه المسطرة مجموعة من الآثار القانونية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: شروط الاعتراف بالمسطرة الأجنبية

تتنوع شروط الاعتراف بالمسطرة الأجنبية بين ما هو موضوعي (الفقرة الأولى) وما هو شكلي (الفقرة الثانية)

 

الفقرة الأولى: الشروط الشكلية للاعتراف بالمسطرة الأجنبية

نص المشرع المغربي في مدونة التجارة على ضرورة توفر عدة ضوابط شكلية لكي يتم الاعتراف بالمسطرة  الأجنبية، حيث يتضح من خلال مقتضيات المادة 781 من المدونة أن هذا الاعتراف يقتضي تقيد الممثل الأجنبي بعدة ضوابط قانونية تتمثل في إلزامية تقديم طلبه إلى المحكمة التجارية الوطنية المختصة فيشير إلى كونه معين فيها بهذه الصفة، إضافة إلى إرفاق طلبه بنسخة مصادق عليها من قرار المحكمة الأجنبية القاضي بفتح المسطرة الأجنبية أو شهادة صادرة عنها تفيد فتح المسطرة وتعيين الممثل الأجنبي وكذا بتصريح يتضمن الإشارة إلى جميع المساطر الأجنبية المعروفة لديه والمتعلقة بشخص المدين، ويمكن للمحكمة المختصة أن تطلب ترجمة الوثائق المرفقة بطلب الاعتراف إلى اللغة العربية متى كانت محررة بلغة أجنبية، كما يلزم الممثل الأجنبي أن يبين ما إذا كانت المسطرة الأجنبية رئيسية أو غير رئيسية. وبالتالي تبقى للمحكمة التجارية المختصة السلطة التقديرية للاعتراف بالمسطرة الأجنبية من عدمه ولها أن تقرر ذلك في الأجل الذي تراه مناسبا مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار عامل السرعة المتطلبة في هذا النوع من القضايا وحماية للمقاولة والمصالح المرتبطة بها، حيث نصت الفقرة الثالثة من المادة 17 من قانون اليونيسترال النموذجي على أنه :”يبت في طلب الاعتراف بإجراء أجنبي في أقرب وقت ممكن” وهو نفس المقتضى الذي تضمنته المادة 781 من مدونة التجارة المغربية حيث نصت في فقرتها الأخيرة على أنه :” تبت المحكمة في طلب الاعتراف بالمسطرة الأجنبية في أقرب وقت ممكن”، وخلافا لذلك حدد المشرع الأردني أجل البت في الطلب المقدم للاعتراف بالمسطرة الأجنبية وذلك في المادة 121 من قانون الإعسار الأردني في الفقرة “د” التي جاءت على الشكل التالي :”تبت المحكمة في طلب الاعتراف بالإجراءات الأجنبية بشكل مستعجل وفي جميع الأحوال خلال مدة خمسة عشر يوما من تاريخ تقديمه”.

كما يجب على الممثل الأجنبي ابتداء من تاريخ تقديم طلب الاعتراف بالمسطرة الأجنبية أن تبلغ المحكمة المختصة فورا بأي تغيير جوهري في المسطرة الأجنبية أو في تعيينه كممثل وبكل مسطرة أجنبية أخرى قد تصل إلى علمه حسب ما جاءت به المادة 783 من مدونة التجارة[30]،وهو نفس المقتضى الذي جاءت به المادة 18 من قانون اليونيسترال النموذجي حيث نصت على أنه:” ابتداء من الوقت الذي يقدم فيه طلب الاعتراف بإجراء أجنبي يبلغ الممثل الأجنبي المحكمة على الفور بما يلي:

  • أي تغيير ملموس في وضع الإجراء الأجنبي المعترف به أو الوضع المتعلق بتعيين الممثل الأجنبي
  • أي إجراء أجنبي آخر يتعلق بالمدين ذاته، ويحاط به الممثل الأجنبي علما”.
  • الشروط الموضوعية للاعتراف بالمسطرة الأجنبية

إضافة إلى الشروط الشكلية الواجب توافرها في الطلب المقدم من طرف الممثل الأجنبي يتعين على المحكمة مراقبة مدى تحقق ضوابط أخرى لها طابع موضوعي حتى يتسنى لها الحكم بالاعتراف بالمسطرة الأجنبية، وهكذا نصت المادة 782 من مدونة التجارة على أنه ” يمكن الاعتراف بالمسطرة الأجنبية إما:

  • بوصفها مسطرة أجنبية رئيسية في حالة ما إذا كانت مفتوحة في دولة يوجد بها مصالح المدين الرئيسية
  • أو بوصفها مسطرة أجنبية غير رئيسية إذا كان للمدين فقط مؤسسة بالمعنى المقصود في البند الأخير من المادة 769 أعلاه ” وهو ما تبناه قانون اليونيسترال النموذجي في المادة 17 منه[31]. من خلال ما تم ذكره يتضح أن المشرع المغربي بين الشروط الموضوعية الخاصة بفتح مسطرة أجنبية رئيسية وتلك المرتبطة بالمسطرة الأجنبية غير الرئيسية.

وعليه، لا يمكن للمحكمة التجارية التي قدم لها الطلب أن تعترف بمسطرة أجنبية رئيسية إلا إذا تأكدت من كون المسطرة مفتوحة في دولة يوجد بها مصالح المقاولة الرئيسية، وقد حدد لنا المشرع المقصود بمركز المصالح الرئيسية للمدين حين اعتبره المقر الاجتماعي للشخص الاعتباري أو محل الإقامة المعتاد بالنسبة للشخص الذاتي[32]، وهو نفس المقتضى الذي كرسته المادة 16 من قانون اليونيسترال النموذجي[33].

وهذا ما يؤكد على أن هناك تناغم وانسجام بين التشريع الوطني المغربي المنظم للمساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة وقانون اليونيسترال النموذجي المتعلق بالإعسار الدولي في مسألة تحديد المقصود بالمقر الرئيسي للمدين. ومن أهم القرارات التي تناولت معنى عبارة “مركز المصالح الرئيسية” هو القرار الصادر في قضية شركة Eurofood والذي نشأ عن منازعة نشبت بين محكمة إيلرندية ومحكمة إيطالية حول ما إذا كان ” مركز المصالح الرئيسية” لشركة فرعية معسرة لديها مكتب مسجل في دولة أخرى غير دولة الشركة الأم يقع في الدولة التي يوجد فيها مكتبها المسجل أو في دولة الشركة الأم.

وللإجابة عن الإشكالية كان على محكمة العدل الأوروبية أن تحدد قوة الافتراض بأن ينظر إلى المكتب المسجل لشركة معينة على أنه مركز مصالحها الرئيسية ولأغراض لائحة المجلس الأوروبي التنظيمية”[34].

أما المسطرة الأجنبية غير الرئيسية فتطلق على الحالة التي تفتح فيها مسطرة صعوبات المقاولة في بلد لا تتوفر فيه على مقر اجتماعي بل على مؤسسة تمارس فيها نشاطها، والمؤسسة حسب منطوق المادة 767 من مدونة التجارة هي كل محل أعمال يمارس فيه المدين نشاطا اقتصاديا غير عارض بوسائل بشرية وبسلع أو خدمات، وقد سماها المشرع الأردني بالمنشأة[35]، وقد عرفها قانون اليونيسترال النموذجي في المادة 2 منه على أنها:” يقصد بها أي مكان عمليات يقوم فيه المدين بنشاط اقتصادي غير عارض بواسطة وسائل بشرية وسلع أو خدمات”. وفي نفس السياق، فقد عرف التنظيم الأوروبي المتعلق بمساطر الإعسار المؤسسة على أنها:” كل محل أعمال يمارس فيه المدين أو مارس فيه، في فترة الثلاثة أشهر السابقة لطلب فتح مسطرة الإعسار الرئيسية، نشاطا اقتصاديا غير عارض لوسائل بشرية وبأصول”[36].

وبناء على ذلك، يتعين على المحكمة المختصة التي رفع إليها طلب الاعتراف بمسطرة أجنبية غير رئيسية أن تتأكد من توافر العناصر المكونة لمفهوم المؤسسة التي سبقت الإشارة إليها قبل أن تتخذ قرارها إما بقبول الطلب أو رفضه.

الفقرة الثانية: آثار الاعتراف بالمسطرة الأجنبية

يترتب عن صدور حكم بالاعتراف بمسطرة أجنبية آثار قانونية مهمة تختلف حسب ما إذا تعلق الأمر بمسطرة أجنبية رئيسية (أولا) أو غير رئيسية (ثانيا)

أولا: آثار الاعتراف بمسطرة أجنبية رئيسية

إن إصدار المحكمة المختصة للحكم القاضي بالاعتراف بمسطرة أجنبية رئيسية يخلف عدة آثار تلقائيا وبقوة القانون أ1) إضافة إلى آثار أخرى مرتبطة بتدابير تخضع للسلطة التقديرية للمحكمة التجارية (ب)

  • الآثار التلقائية وبقوة القانون المترتبة عن الاعتراف بمسطرة رئيسية

باستقراء مقتضيات المادة 785 من القانون 73.17 يتبين أن الاعتراف بمسطرة أجنبية رئيسية يرتب بقوة القانون وقف أو منع الدعاوى الفردية وكذا الإجراءات التنفيذية وقد أحالت المادة السالفة الذكر على المادة 686 التي حصرت المنع أو الوقف في الدعاوى القضائية التي يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل الحكم على المدين بأداء مبلغ من المال أو فسخ عقد لعدم أداء مبلغ من المال وترتب أيضا وقف أو منع كل الإجراءات التنفيذية التي يعتمدها هؤلاء الدائنون سواء على المنقولات أو على العقارات، هذا على عكس المادة 20 من قانون اليونيسترال النموذجي التي وسعت من نطاق هذا الأثر حيث اعتبرت أن بمجرد الاعتراف بمسطرة أجنبية رئيسية          يتم وقف البدء أو الاستمرار في الدعاوى أو الإجراءات المنفردة التي تخص أصول المدين أو حقوقه أو التزاماته أو خصومه. وقد جاء في قانون اليونيسترال النموذجي للإعسار عبر الحدود المنظور القضائي بمناسبة تفسيره لمقتضيات المادة 20 السالف ذكرها أن الهدف من الآثار المترتبة عن الاعتراف بمسطرة رئيسية هي أن تتيح متسعا من الوقت للقيام بخطوات لتنظيم إجراءات إعسار عبر الحدود على نحو مرتب ومنصف حتى وإن كانت آثار بدء إجراءات الاعسار الأجنبية في البلد الأصلي مختلفة عن الآثار المترتبة على المادة 20 في الدولة المانحة للاعتراف، وهذا النهج يجسد مبدأ أساسيا يقوم عليه قانون اليونيسترال النموذجي وهو مبدأ مؤداه أن اعتراف محكمة الدولة المشترعة بالإجراءات الأجنبية تترتب عليه آثار تعتبر ضرورية لإدارة إجراءات الإعسار عبر الحدود على نحو مرتب ومنصف.

وقد جاء في القانون 73.17 إضافة إلى ذلك أنه يمنع المدين من التصرف في أمواله الموجودة داخل تراب المملكة سواء بنقلها أو تفويتها أو تأسيس أي ضمان عليها كالرهون[37].

  • الآثار الناتجة عن تدابير المحكمة

إضافة إلى الآثار التلقائية التي تنتج بقوة القانون عن الاعتراف بمسطرة أجنبية رئيسية، فإن المشرع منح للمحكمة الحق في الأمر بمجموعة من التدابير التي تراها مفيدة لحماية مصلحة المقاولة والدائنين وذلك بعد التوفر على شروط محددة في المادة 786 من مدونة التجارة، حيث لا يجوز للمحكمة اتخاذ هاته التدابير إلا بعد التوفر على طلب مقدم من طرف الممثل الأجنبي.

عموما، فقد حددت المادة المذكورة التدابير التي يمكن للمحكمة اتخاذها كما يلي :

  • وقف أو منع المتابعات الفردية وكذا الإجراءات التنفيذية، ما لم ذلك ناتجا عن الحكم القاضي بالاعتراف بالمسطرة طبقا للمادة السابقة.
  • منع المدين من التصرف في أمواله بنقلها أو تفويتها أو تأسيس أي ضمان عليها، ما لم يكن ذلك ناتجا عن الحكم القاضي بالاعتراف بالمسطرة طبقا للمادة السابقة.
  • إسناد مهمة إدارة أو بيع كل أو بعض أصول المدين المتواجدة داخل تراب المملكة إلى الممثل الأجنبي أو إلى سنديك تعينه المحكمة.
  • اتخاذ إجراءات الحصول على وسائل الإثبات والمعلومات الضرورية المتعلقة بأصول وحقوق وواجبات المدين.
  • تمديد العمل بالتدابير المنصوص عليها في المادة 784 أعلاه”.

ثانيا: آثار الاعتراف بمسطرة أجنبية غير رئيسية

إذا كان الاعتراف بمسطرة أجنبية رئيسية يرتب مجموعة من الآثار تتنوع بين الآثار القانونية والآثار التي تكون ناتجة عن السلطة التقديرية للمحكمة التجارية بخصوص التدابير التي تتخذها، فإن الأمر على خلاف ذلك حينما يتم الاعتراف بمسطرة غير رئيسية والتي رتب عليها المشرع أثرا واحدا فقط يتمثل في منح الممثل الأجنبي الحق في ممارسة كافة الدعاوى والإجراءات المخولة للسنديك بمقتضى التشريع المغربي، حماية لأصول المدين ولحقوق الدائنين كما يحق له التدخل في المساطر التي يكون المدين طرفا فيها، وهذا ما أكد عليه المشرع المغربي من خلال تنصيصه في المادة 788 من مدونة التجارة على كون الدعوى المذكورة تتعلق بأموال يستلزم القانون تسييرها أو إدارتها في إطار مسطرة أجنبية غير رئيسية أو أن الإجراء يخص معلومات تتعلق بها[38].

 

 

 

 

 

خاتمة

في الختام، يمكننا القول إن المشرع المغربي من خلال تنظيمه للمساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة بالقانون 73.17 قد ساير معظم التشريعات المقارنة المتعلقة بهذا الموضوع، محاولا إيجاد حل للمقاولات التي تعاني من صعوبات ذات بعد دولي بهدف معالجة وضعيتها وتذليل المشاكل التي من شأنها عرقلة استمرارية نشاطها باعتبارها النواة التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني.

لذلك فقد عمل على خلق عدة آليات تسمح بتحقيق تعاون دولي بين المحاكم الوطنية والأجنبية لتوفير الحماية اللازمة للدائنين والمشاريع الاستثمارية وكذا جل المصالح المرتبطة بالمقاولة المدينة من أجل ضمان استقرار الاقتصاد وتطوره، مقتبسا إياها من قانون اليونيسترال النموذجي للإعسار عبر الحدود الذي كان سباقا إلى تنظيم هذا النوع من المساطر بهدف خلق نوع من التعاون والتنسيق بين القوانين الوطنية لحل مشكلة المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة.

ومن خلال دراستنا للموضوع يتضح أنه من أهم المكتسبات التي جاء بها القسم التاسع من القانون 73.17 المتعلق بمساطر معالجة صعوبات المقاولة تتجلى في معاملة الدائنين الأجانب على قدم من المساواة مع الدائنين القاطنين داخل تراب المملكة دون تمييز بينهم حيث خول لهم طلب فتح المسطرة أو المشاركة فيها، إضافة إلى العمل على تعزيز الثقة لدى المستثمرين الأجانب من خلال التوفر على مقتضيات قانونية تستند على المعايير الدولية المقررة في قانون اليونيسترال النموذجي بشأن الإعسار عبر الحدود بغية حماية أموالهم ومصالحهم، كما أنه حصر المساطر العابرة للحدود في مسطرتي التسوية والتصفية القضائية خلافا لما ذهبت إليه بعض التشريعات المقارنة التي أدخلت مسطرة الإنقاذ.

وتبقى الممارسة العملية لهذه المساطر على مستوى محاكم المملكة هو الفيصل في بيان مدى نجاعة القواعد القانونية التي جاء بها المشرع المغربي في معالجة الإشكالات الناجمة عن المقاولات العابرة للحدود خاصة في ظل اختلاف وتعارض القوانين المقارنة المنظمة لهذا النوع من المساطر.

 

لائحة المراجع:

  • علال فالي ” مساطر معالجة صعوبات المقاولة ” مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الثالثة 2019.
  • عبد الرحيم شميعة “شرح أحكام نظام مساطر معالجة صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17” مطبعة سجلماسة مكناس، الطبعة الأولى سنة 2018.
  • خديجة مضي ومحمد الزاهري” المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة دراسة تشريعية مقارنة ” دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع الرباط الطبعة الأولى 2021.
  • يونس الحكيم” مساطر صعوبة المقاولة في ضوء القانون 73.17 والعمل القضائي دراسة مقارنة” دار الآفاق المغربية الطبعة الأولى 2019.
  • ركن الدين عبد الغاني” مساطر صعوبات المقاولة العابرة للحدود في القانون الدولي الخاص المغربي” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس بالرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي السنة الجامعية 2022/2021.
  • نور الدين الرحالي” المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة أي نظام قانوني لأية أهداف اقتصادية” قراءة في ضوء القانون رقم 73.17 القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة، مقال منشور بمجلة المهن القانونية والقضائية العدد الثاني، نوفمبر 2018، مطبعة الأمنية بالرباط، مرجع سابق.
  • طارق البختي،” قراءة في المستجدات المتعلقة بمساطر معالجة صعوبات المقاولة على ضوء القانون رقم 73.17 القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة” مقال منشور بمجلة المهن القانونية والقضائية العدد الثاني، نوفمبر 2018، مطبعة الأمنية بالرباط.
  • عبد الكريم عباد “البعد الدولي في مساطر صعوبات المقاولة المغربية (قراءة في القسم من القانون رقم 73.17)” مقال منشور بمجلة المهن القانونية والقضائية، العد الثاني، مطبعة الأمنية الرباط، نوفمبر 2018.
  • عزيز حجاجي ” خصوصية التصريح بالديون العمومية في إطار مساطر صعوبات المقاولة ” مقال منشور بالموقع الالكتروني alkanounia.info  .

[1] – ظهير شريف رقم 1.22.76 صادر في 14 من جمادى الأولى 1444 (9 ديسمبر 2022) بتنفيذ القانون الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار.

[2] – ظهير شريف رقم 1.95.213 صادر في 14 من جمادى الثانية 1416 (8 نوفمبر 1995) بتنفيذ قانون الإطار رقم 18.95 بمثابة ميثاق الاستثمارات.

[3] – عبد الكريم عباد “البعد الدولي في مساطر صعوبات المقاولة المغربية (قراءة في القسم من القانون رقم 73.17)” مقال منشور بمجلة المهن القانونية والقضائية، العد الثاني، مطبعة الأمنية الرباط، نوفمبر 2018، الصفحة 430.

[4] – قانون اليونيسترال النموذجي بشأن الاعسار عبر الحدود الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها رقم 52/158 في 15 ديسمبر 1997.

[5] – نور الدين الرحالي “المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة: أي نظام قانوني لأية أهداف اقتصادية” مقال منشور في مجلة المهن القانونية والقضائية العدد الثاني مطبعة الأمنية الرباط، نوفمبر 2018، الصفحة: 445.

[6] – خديجة مضي ومحمد الزاهري” المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة دراسة تشريعية مقارنة ” دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع الرباط الطبعة الأولى 2021، مرجع سابق، الصفحة: 73.

[7] – طارق البختي،” قراءة في المستجدات المتعلقة بمساطر معالجة صعوبات المقاولة على ضوء القانون رقم 73.17 القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة” مقال منشور بمجلة المهن القانونية والقضائية العدد الثاني، نوفمبر 2018، مطبعة الأمنية بالرباط، الصفحة 24.

[8] – يونس الحكيم” مساطر صعوبة المقاولة في ضوء القانون 73.17 والعمل القضائي دراسة مقارنة” دار الآفاق المغربية الطبعة الأولى 2019، الصفحة 203.

[9] – نور الدين الرحالي” المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة أي نظام قانوني لأية أهداف اقتصادية” قراءة في ضوء القانون رقم 73.17 القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة، مقال منشور بمجلة المهن القانونية والقضائية العدد الثاني، نوفمبر 2018، مطبعة الأمنية بالرباط، مرجع سابق، الصفحة 449.

[10] – حيث نصت المادة 776 من القانون 73.17 على أنه:” من أجل تطبيق مقتضيات هذا الباب، يحق للممثل الأجنبي أن يتقدم، مباشرة، بطلبه إلى المحكمة المختصة داخل تراب المملكة”.

[11] – نصت المادة 778 من القانون 73.17 على أنه:” يحق للممثل الأجنبي أن يطلب الحكم بفتح إحدى مساطر صعوبات المقاولة متى توفرت شروط ذلك طبقا لمقتضيات المادة 575 وما يليها من هذا القانون”.

[12] – أكد المشرع المغربي على تبني المسطرة الكتابية أمام المحاكم التجارية، حيث نصت المادة من القانون 53.95 بإحداث محاكم تجارية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.65 صادر في 4 شوال 1417 (12 فبراير 1997) على أنه:” ترفع الدعوى أمام المحاكم التجارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في هيئة من هيئات المحامين بالمغرب..”.

[13] – نص الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية على أنه: “يجب أن يتضمن المقال أو المحضر الأسماء العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن أو محل إقامة المدعى عليه والمدعي وكذا عند الاقتضاء أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي، وإذا كان أحد الأطراف شركة ويجب أن يتضمن المقال أو المحضر اسمها ونوعها ومركزها

يجب أن يبين بإيجاز في المقالات والمحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوى والوقائع والوسائل المثارة وترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الاقتضاء مقابل وصل يسلمه كاتب الضبط للمدعي يثبت فيه عدد المستندات المرفقة ونوعها…”

[14] – ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية كما تم تعديله.

[15] – ركن الدين عبد الغاني” مساطر صعوبات المقاولة العابرة للحدود في القانون الدولي الخاص المغربي” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس بالرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي السنة الجامعية 2022/2021 الصفحة:230.

[16] – تقابلها المادة الثانية من قانون اليونيسترال النموذجي التي نصت في البند “د” منها على أن ” الممثل الأجنبي يقصد به أي شخص أو هيئة بما في ذلك الشخص أو الهيئة المعينان على أساس مؤقت يؤذن له أو لها في إجراء أجنبي بإدارة تنظيم أموال المدين أو أعماله على أسس جديدة أو تصفيتها أو التصرف كممثل للإجراء الأجنبي”.

-وقد عرف التنظيم الأوروبي المتعلق بمساطر الإعسار الممثل الأجنبي من خلال الفقرة الخامسة من المادة الثانية منه على أنه” ذلك الشخص أو الهيئة التي تقوم ولو مؤقتا بالتأكد من المطالبات المقدمة في إطار مساطر الإعسار والاعتراف بها وغيرها من الصلاحيات المبينة في الفقرة المذكورة”

– selon la cinquiéme paragraphe de l’article 2 de règlement européen 2015/848 du 20 mai 2015 relatif aux procédures d’insolvabilité : 5) praticien de l’insolvabilité, toute personne ou tout organe dont la fonction, y compris à titre intérimaire, consiste à:

  1. i) vérifier et admettre les créances soumises dans le cadre d’une procédure d’insolvabilité,
  2. ii) représenter l’intérêt collectif des créanciers

iii) administrer, en tout ou en partie, les actifs dont le débiteur est dessaisi

  1. iv) liquider les actifs visés au point iii) ou
  2. v) surveiller la gestion des affaires du débiteur.

– كما نصت المادة الثانية من قانون الاعسار الأردني على أن:” وكيل الإعسار: الشخص الطبيعي أو الاعتباري المرخص له بممارسة أعمال وكيل الإعسار المنصوص عليها في هذا القانون”.

[17] – ركن الدين عبد الغاني” مساطر صعوبات المقاولة العابرة للحدود في القانون الدولي الخاص المغربي” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس بالرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي السنة الجامعية 2022/2021 الصفحة 230.

[18] – نفس المقتضى الذي سبق أن تبناه قانون الأونيسترال النموذجي بشأن الإعسار عبر الحدود حيث أكد من خلال المادة العاشرة منه على أنه:” إن مجرد تقديم ممثل أجنبي طلبا بموجب هذا القانون إلى محكمة في هذه الدولة لا يخضع الممثل الأجنبي أو أصول المدين أو أعماله التجارية الأجنبية لاختصاص القضائي لمحاكم هذه الدولة، لأي غرض آخر غير الطلب الذي قدمه”.

[19] – خديجة مضي ومحمد الزاهري” المساطر العابرة للحدود لصعوبات المقاولة دراسة تشريعية مقارنة ” دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع الرباط الطبعة الأولى 2021 الصفحة 76.[20] – تنص المادة 13 من قانون اليونيسترال النموذجي على أنه:” مع مراعاة أحكام الفقرة من هذه المادة تكون للدائنين الأجانب فيما يتعلق ببدء إجراء ما والمشاركة فيه في هذه الدولة بموجب (تدرج أسماء القوانين ذات الصلة بالإعسار في الدولة المشترعة) نفس الحقوق المتاحة للدائنين في هذه الدولة”

[21] – قانون رقم (21) لسنة 2018 قانون الإعسار الأردني الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2640.

[22] – الظهير الشريف رقم 1.96.124 الصادر بتنفيذ القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة المؤرخ في 30 أغسطس 1996 المنشور بالجريدة الرسمية 422 بتاريخ 17 أكتوبر 1996 الصفحة 2320 كما تم تغييره وتتميمه بالظهير الشريف رقم 1.99.327 الصادر بتنفيذ القانون رقم 81.99 المؤرخ في 30 سبتمبر المنشور بالجريدة الرسمية 4756 بتاريخ 30 سبتمبر 1990، الصفحة 3071 وبالظهير الشريف رقم 1.08.18 بتاريخ 23 ماي 2008 الصادر بتنفيذ القانون رقم 20.05 المنشور بالجريدة الرسمية 4478 بتاريخ 12 يونيو 2008 الصفحة 1359، وبالظهير الشريف رقم 1.15.106 بتاريخ 29 يونيو 2015 الصادر بتنفيذ القانون رقم 17.12 المنشور بالجريدة الرسمية 6390 مكرر بتاريخ 28 أغسطس 2015 الصفحة 7416 مكرر.

[23] – الظهير الشريف رقم 1.97.49 المؤرخ في 13 فبراير 1997 الصادر بتنفيذ القانون رقم 5.96 المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة التوصية بالأسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة المنشور بالجريدة الرسمية 4478 بتاريخ فاتح ماي 1997 الصفحة 1085، كما تم تعديله بالقانون رقم 82.99 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.99.328 بتاريخ 14 فبراير 2006 المنشور بالجريدة الرسمية 5400 بتاريخ 2 مارس 2006 الصفحة 588 وبالقانون رقم 21.05 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.21 بتاريخ 14 فبراير 2006 المنشور رقم 1.11.39 بتاريخ 2 يونيو 2011 المنشور بالجريدة الرسمية 5956 بتاريخ 30 يونيو 2011 الصفحة 3038.

[24] – نصت المادة 14 من قانون اليونيسترال النموذجي على:” حيثما يشترط توجيه إشعار ببدء الإجراءات في هذه الدولة بموجب (تدرج أسماء القوانين ذات الصلة بالإعسار في الدولة المشترعة) يوجه ذلك الاشعار أيضا الى الدائنين المعروفين الذين ليس لهم عنوان في هذه الدولة. ويجوز للمحكمة ان تأمر باتخاذ التدابير المناسبة قصد إشعار الدائنين الذين لا تعرف عناوينهم بعد “.

[25] – نصت المادة 120 من قانون الاعسار الأردني على انه:” في الحالات التي يشترط فيها هذا القانون اشعار الدائنين يجب اشعار الدائنين الأجانب الذين ظهرت ديونهم في سجلات المدين بوجود إجراءات اعسار بموجب احكام هذا القانون ويوجه الاشعار أيضا للدائنين المعلومين والذين ليس لهم عنوان في المملكة وللمحكمة ان تامر باتخاذ الخطوات اللازمة لغايات تبليغ الدائنين الذين ليست لهم عناوين معروفة “.

[26] – عزيز حجاجي ” خصوصية التصريح بالديون العمومية في إطار مساطر صعوبات المقاولة ” مقال منشور بالموقع الالكتروني www.alkanounia.info   تاريخ الاطلاع 25/10/2023 على الساعة الواحدة والنصف زوالا.

[27] – ركن الدين عبد الغاني ” مساطر صعوبات المقاولة العابرة للحدود في القانون الدولي الخاص المغربي” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، السنة الجامعية 2021/2022 الصفحة: 258.

[28] – عبد الرحيم شميعة “شرح أحكام نظام مساطر معالجة صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17” مطبعة سجلماسة مكناس، الطبعة الأولى سنة 2018 الصفحة: 202.

[29] – علال فالي ” مساطر معالجة صعوبات المقاولة ” مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الثالثة 2019 الصفحة: 536.

 

[30] – تقابلها المادة 123 من قانون الإعسار الأردني حيث نصت على أنه:” على كيل الإعسار الأجنبي أن يشعر المحكمة فور تقديم طلب الاعتراف بالإجراءات الأجنبية بما يلي:

– أي تغيير جوهري يتعلق بالإجراءات الأجنبية المطلوب الاعتراف بها أو بتعيين وكيل الإعسار

– أي إجراءات أجنبية أخرى تتعلق بالدين ذاته أو أي إجراء آخر يصبح معلوما لدى وكيل الإعسار الأجنبي”.

[31] – نصت المادة 17 من قانون اليونيسترال النموذجي على أنه:” مع مراعاة أحكام المادة 6 يعترف بالإجراء الأجنبي:

– بوصفه إجراء أجنبيا رئيسيا إذا اتخذ في الدولة التي يوجد بها مركز مصالح المدين الرئيسية “.

[32] – جاءت الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 782 من مدونة التجارة على الشكل التالي:” يعتبر المقر الاجتماعي للشخص الاعتباري أو محل الإقامة المعتاد بالنسبة للشخص الذاتي هو مركز المصالح الرئيسية للمدين، ما لم يثبت خلاف ذلك”.

[33] – تنص المادة 16 من قانون اليونيسترال النموذجي للإعسار الدولي على أنه:” يفترض أن المقر الرئيسي للمدين، أو محل إقامته المعتاد في حالة المدين الفرد هو مركز المصالح الرئيسية للمدين في حالة عدم وجود دليل ينفي ذلك”.

[34] – قرار صادر عن محكمة العدل الأوروبية تم ذكره في قانون اليونيسترال النموذجي المنظور القضائي الصفحة 26.

[35] – عرفها المشرع الأردني في المادة الثانية من قانون الإعسار الأردني بكونها ” المكان الذي يمارس فيه المدين نشاطاته الاقتصادية والمعتادة بشكل دائم والذي تكون فيه الموارد البشرية أو البضائع أو الخدمات حسب مقتضى الحال”.

[36] – Selon le dixième paragraphe de l’article 2 de règlement européen : « établissement » tout lieu d’opérations ou un débiteur exerce ou exercé au cours de la période de trois mois précédant la demande d’ouverture de la procédure d’insolvabilité principale, de façon non transitoire, une activité économique avec des moyens humains et actifs.

[37] – وذلك حسب ما جاءت يه المادة 785 من مدونة التجارة المغربية حين نصت على أنه:” يترتب على الاعتراف بمسطرة أجنبية رئيسية:

…. منع المدين من التصرف في أمواله بنقلها أو تفويتها أو تأسيس أي ضمان عليها”.

[38] – وهو نفس المقتضى الذي قضت به المادة 23 من قانون اليونيسترال النموذجي حين نصت على أنه” عندما يكون الإجراء الأجنبي إجراء أجنبي غير رئيسي لابد أن تكون المحكمة مطمئنة إلى أن الدعوى تتعلق بأصول تدار بموجب قانون هذه الدولة ضمن الإجراء الأجنبي غير الرئيسي”.

كما نصت المادة 24 منه على أنه:” بمجرد الاعتراف بالإجراء الأجنبي يجوز للمثل الأجنبي أن يتدخل في أي إجراءات يكون المدين طرفا فيها شريطة استيفاء الشروط القانونية لهذه الدولة “.

 

المصدر: Alalam24

 

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...